تفتقد عائلة زيد "اللمات" الاجتماعية التي كانت تسودها أجواء من الحب والمرح وتوطيد العلاقات بينهم، بعد أن غيبت زنازين الاحتلال الإسرائيلي رب العائلة وراءها ليقضي أيامه وحيداً يقاسي آلام مرضه دون أنْ ترأف مصلحة سجون الاحتلال بحالته الصحية وكبر سنه، كما عادتها في ممارسة "الإهمال الطبي" المتعمد للأسرى الفلسطينيين.
فرغم أن الأسير جمال زيد الغزالي "64 عاماً" مصاب بالفشل الكلوي ويخضع لجلسات غسل كُلى بانتظام ويعاني ضعفًا في عضلة القلب والنقرس وضغط الدم وأصيب بجلطات سابقاً، فإن ذلك لم يشفع له عند قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت منزله فجر الخامس عشر من سبتمبر من العام الماضي.
ويبين ابنه لؤي أن قوات كبيرة من قوات الاحتلال اقتحمت المنزل وحطمت محتوياته، وطلبوا أدويته، وعندما أخبرناهم أنه يعاني فشلًا كلويًا وطلبنا منهم عدم اعتقاله، رفضوا ذلك وأصروا على سجنه منذ ذلك الحين.
وتشعر العائلة بالقلق على مصير رب الأسرة، حيث إن الوالد كبير في السن، كما أن جلسات "الغسل الكلوي" (التي يخضع لها يوماً بعد يوم) تُنهك قواه، خاصة أن ظروف سجون الاحتلال الصعبة لا يحتملها الأصحاء، يقول لؤي: "والدي يخضع لنظام غذائي معين وفقاً لحالته الصحية، بينما الطعام في السجون لا يصلح للبشر".
ولم تتوقع العائلة أنْ تعيد قوات الاحتلال اعتقال المسن زيد (الذي يعمل تاجرًا بجانب نشاطاته الاجتماعية والنقابية في البيرة) حيث لم يكد ينتهي كابوس اعتقاله الإداري (أفرج عنه في الثاني والعشرين من مايو 2020م) الذي استمر لمدة عام كامل، "بعد الإفراج عنه بثلاثة أشهر أصبح مريضاً بالفشل الكلوي بسبب الظروف الصعبة في الاعتقال، حيث أغمي عليه في أثناء إحدى الزيارات".
تجديد الاعتقال
وقد أخضع الاحتلال الأسير زيد للاعتقال الإداري مجدداً، وبعد شهر ونصف على إصدار قرار الاعتقال الإداري قررت محكمة الاحتلال، نظراً لوضعه الصحي، تخفيض أمر المدة إلى ثلاثة أشهر، لكن النيابة العسكرية للاحتلال لم يرق لها الحكم فاستأنفت عليه بحجة أن المسن زيد "ناشط في تنظيم محظور (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، ويهدد أمن المنطقة والجمهور، وأن الاعتقال الإداري هو الوسيلة الوحيدة لدرء الخطر النابع من المعتقل".
ويبين لؤي أن نيابة الاحتلال ادعت أن الحالة الصحية لوالده "لا تقلل من الخطر الذي ينبع منه"، وقبلت المحكمة استئناف النيابة وأعادت الحكم إلى ستة شهور، ولم يكتفِ الاحتلال بذلك بل صُدمت العائلة بتجديد الاعتقال الإداري له لمرة ثانية لمدة ثالثة شهور ثم لثلاثة شهور أخرى!
ويمضي الابن إلى القول: "وهكذا قضى والدي حتى الآن تسعة شهور متتالية في سجون الاحتلال قيد الاعتقال الإداري رغم الوضع الصحي الصعب الذي يعانيه"، محملاً المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته بعد تجديد الاعتقال الإداري له للمرة الثالثة، وتعرضه للإهمال الطبي المتعمد في السجون.
وما يزيد قلق العائلة أن الأب المُسن موجود داخل ما يسمى بسجن عيادة "الرملة" سيئ الصيت، الذي يعاني فيه الأسرى المرضى إهمالًا طبيًا غير مسبوق، ويُحرمون أبسط أساسيات العلاج.
ويزيد بالقول: "تعرض والدي مرات عدة لالتهابات في المكان الذي يوضع فيه أنابيب غسل الكلى، ولم يقدموا له العلاج اللازم، كما أنه فقد كثيراً من وزنه، فقد رأيناه شاحباً خلال زياراتنا له".
ويستخدم الاحتلال الاعتقال الإداري بصفته عقابًا جماعيًا بحق الشعب الفلسطيني، دون سند قانوني، سوى الملف السري الذي تتذرع فيه مخابرات الاحتلال لتبرير احتجاز الأسرى لفترات طويلة، وهي سياسة تعسفية الهدف منها استنزاف أعمار الفلسطينيين خلف القضبان دون سند قانوني.