فلسطين أون لاين

​سكان "الكرفانات" يعيشون معاناة متكررة للشتاء الثالث

...
طفل يقف امام منزله المؤقت الكرفان في مدينة بيت حانون في قطاع غزة في انتظار اعادة الاعمار تصوير (ياسر قديح)
خانيونس - يحيى اليعقوبي

لتوه عاد الطفل إبراهيم (11 عامًا) الذي يسكن في كرفان شرق خزاعة من زيارة بيت عمه الذي انتهت عملية الإعمار فيه، ينادي والده: "بابا؛ وقتيش بدنا نبني.. بدناش نضل بالكرفان". الطفل الذي لا يعي تماما تفاصيل المعاناة، لم يجد أمامه سوى دمعة انسابت دون إرادة من وجنتي والده الذي لم يرد عليه بكلمة واحدة.

انصرف ابراهيم من أمام والده بعلامات مزجت بين الحزن والغضب على حد سواء، وهو يستذكر غرفة ألعابه الجميلة وبيته الذي تبلغ مساحته مئتين وخمسين مترا، الذي دمره الاحتلال خلال تجريفه للمناطق الحدودية لقطاع غزة إبان العدوان الإسرائيلي الأخير القطاع صيف عام 2014م، بعد انتهاء تجهيزه بشهر واحد فقط.

في خزاعة

أرضية خشبية تتآكل بفعل الذوبان، سقف ثان من "الجبس" أسفل الصفيح الحديد، هو الآخر ذاب أيضا بفعل انسياب المياه عليه، هواء بارد يضرب بذلك اللوح الحديدي فيزيد برودته، فتصبح كثلاجة الأحياء- كما يصفها باسم النجار (40 عامًا) لصحيفة "فلسطين" والذي يسكن في كرفان شرق خزاعة.

كرفانات أصبحت "مهترئة" تستقبل الشتاء الثالث وهي غير جاهزة له، نخرت أرضيتها الخشبية نتيجة طول مدة المكوث فيها لتتسلل القوارض والحشرات إلى داخلها، تماما كما تسللت الأمطار التي تهطل عليهم.

"بابا دفيني".. هذه المرة جاء النداء إليه من ابنه الصغير، رغم تلحفه بعدة أغطية لكنها لم تكن سدا أمام البرد القارس في منطقة خزاعة.

لا ينسى النجار خلال حديثه لنا زيارة وزير الأشغال والإسكان مفيد الحساينة لمنطقته قبل عامين ووعدهم بانتهاء معاناتهم خلال عدة شهور، رفع صوته ثم استطرد: "نحن 11 عائلة في خزاعة ما زلنا نسكن في كرفانات، مشكلتنا أنه لا يوجد لنا أسماء في سجلات الإعمار لا مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" أو حتى مع وزارة الأشغال والإسكان العامة رغم وعودهم لنا بأنه سيتم إدراجنا في أي منحة إعمار قادمة".

وأضاف النجار: "ينقسم الناس في خزاعة في المنطقة التي تعرضت للدمار لثلاثة أقسام، جزء استلم منازلهم، وجزء آخر تتم لهم أعمال البناء ويعيشون في الإيجار في الوقت الراهن، والجزء الثالث مكون من عشرات المواطنين ممن يسكنون كرفانات أو بيوت خشبية صغيرة، إضافة لإحدى عشرة عائلة يعيشون في كرفانات من الحديد".

"أنت ساكن بكرفان.. كيف بدك تأخذ بدل إيجار؟".. إجابة تلقاها النجار عندما حاول المطالبة بحقوقه أسوة بالكثير من المواطنين في منطقته، كما يتابع، ليتحدى ذلك المسؤول: "تعال شوف الكرفان اللي أنا عايش فيها إذا بتقدر تعيش فيه بالصيف أو الشتاء".

وسط حسرة الكلام ومرارة الواقع، يواصل بنبرة صوت بدا عليها اليأس: "مشكلتنا كبيرة، انتهى المنخفض الأول لهذا الشتاء ولم يحدث أضرار، ولكن هناك منخفضات قادمة فنطالب بإدراجنا في سجلات الإعمار".

منطقة الزنة

وعلى الجانب الآخر وفي منطقة الزنة، يسابق المواطن عبد الكريم رضوان 40 عاما الذي يسكن بأحد الكرفانات بمنطقة الزنة شرق خان يونس، الزمن كي ينتهي من إعادة إعمار منزله المدمر، والخروج من الكرفان الذي يتوقع أن يمضي فيه الشتاء الثالث.

رضوان قبل الدخول في أوج فصل الشتاء، ذهب إلى "أونروا" لطلب إعادة الحصول على بدل إيجار كما كان يحصل منهم في السابق، لكن طلبه قوبل بالرفض بداعي أنه يسكن بكرفان، ويواصل لصحيفة "فلسطين": "الكثير من المواطنين قاموا بإعمار منازلهم بمنطقة الزنة بنسبة 60% ولم يبق سوى قرابة 15 عائلة تعيش في الكرفانات منها من ينتظر إتمام إعادة إعمار منازلهم كي ينتقل من الكرفان لبيته".

في نفس منطقة الزنة، انتقل المواطن "ر، ر" الذي فضل عدم كشف اسمه، من العيش في الكرفان لشقة إيجار يحصل على ثمنها من "أونروا" في نفس المنطقة.

أكثر ما يؤرق المواطنين هناك كما يصفها "ر" لصحيفة "فلسطين" تتمثل في عدم رصف الشوارع، منذ انتهاء العدوان الأخير باستثناء شارع واحد أعيد رصفه، فضلا عن الرياح التي تثير الغبار وتؤثر في حياة المواطنين الذين يسكنون الكرفانات أو حتى الذين قاموا بإعادة بناء بيوتهم.

في الزنة هناك أناس تم تعويضهم، وأناس ينتظرون الحصول على التعويض، ويقول المواطن في ذلك: "حتى اللحظة لم أدرج على كشوفات الإعمار، فمشكلتي تكمن بأن الاحتلال جرف منزلي بعد أن انتهيت من تشييده بشهر، ولأني لم أسكن به إلى الآن لا أستطيع الحصول على التعويض".