فلسطين أون لاين

تقرير عناق حار.. بدّد شوق "فاطمة" لأبيها المُحرر

...
الخليل / غزة – فاطمة الزهراء العويني:

اللقاء الحار الذي جمع المُحرر أسيد أبو خضير بابنته الوحيدة فاطمة، اختزل شوق ست سنوات خلت في لحظات مؤثرة رصدتها إحدى الكاميرات وانتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عبّرت فيها الطفلة عن شوقها لحضن والدها ولوجوده في تفاصيل حياتها جميعًا، وهو شوقٌ عبر عن معاناة المئات من أطفال الأسرى الفلسطينيين المحرومين من آبائهم.

انتظار طويل

فقد ترجمت فاطمة –وفق ما تروي والدتها- ساعات الانتظار الطويلة والمريرة قبيل الإفراج عن أبيها ففي الأيام التي سبقت الإفراج عنه كانت فاطمة يدًا بيد مع والدتها في تهيئة منزلهم الجديد (سكنوه وهو في المعتقل) لاستقبال أسيد، "كانت لا تكف عن تخصيص كل شيء لأبيها، تُظهر فرحتها البالغة بأيِّ شيء نشتريه له".

وفي صباح يوم الإفراج "الإثنين الفائت" ومنذ الصباح الباكر جهّزت نفسها وخرجت مع أمها لاستقباله، "وصلنا حاجز الاحتلال في العاشرة صباحًا ولم يُفرجوا عنه سوى في الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً، ظلّت تقاوم النعاس والإرهاق حتى اللحظات الأخيرة، لترتمي في حضن أبيها، الذي أنساها تعب ما مرت به خلال اليوم".

فـ"أسيد" اعتُقل (عام 2016م) وفاطمة تبلغ من العمر سنة وشهرين، وحُكِم عليه بالسجن ستة أعوام، "وما إن بدأت تكبر حتى أخذت تتعرف على والدها من خلال الصور، وتسألني عنه وعن مكان وجوده، فلم تتح لها زيارته في السجن سوى مرة وهي في عمر العامين ثم تم منع زيارات الأطفال بسبب "كورونا"، ولم تزره سوى في شهر أبريل الماضي ولم يُتح لها أنْ تحتضنه بل من وراء جدار".

وتُبيّن هور أنّ "فاطمة" حتى ووالدها بعيد كانت تشعر بحنانه وخوفه عليها، "فكان يوصيني دائمًا بألا أغضبها أو أضربها وأن أحضر لها كل ما تريد، وكنت دائمًا أردد هذا الكلام على مسامعها، لذلك فبمجرد معرفتها بقرب الإفراج عنه طلبت مني ألا أخبره بأيّ شيء سيئ فعلته خلال فترة غيابه (..) ومنذ الإفراج عنه فهي ترفض أن تفارقه ولو للحظة".

حرمان من الأبناء

وعلى الطرف الآخر، كان أسيد يعدُّ اللحظات والثواني للقاء ابنته فاطمة وكان يحاول أن يرسم في مخيّلته صورة لشكل اللقاء بينهما "لكنّ اللقاء كان أجمل مما توقعتُ بكثير حتى أنني أعدتُ مشاهدة الفيديو مرارًا".

ويُضيف: "لا أستطيع وصف فرحة لقائي بابنتي وعائلتي والعودة لحياتي الطبيعية مرة أخرى، لقد شعرتُ بأنّ الغياب كان طويلًا جدًّا، وأنّ كل شيء حولي قد تغير(..) لكنّ الشوق للأهل جعل التأقلم مع الحياة خارج السجن سريعًا".

ولكنّ أبو خضير يعتبر أنّ جمال لقائه بأهله كان "فرحة منقوصة" في ظلّ تركه لزملائه الأسرى خلف قضبان السجون، "كم أتمنى أن تُبيّض السجون قريبًا بصفقة وفاء أحرار 2 مشرفة".

ويشعر أبو خضير بالسعادة البالغة التي أنسته مرارة عدم متابعته "الخطوات الأولى لابنته" فقد خرج من السجن وقد بلغت من العمر سبعة أعوام، "لكنني كلما زارتني زوجتي كانت تزوّدني بتقرير مفصل عن كلّ ما تفعله ابنتنا، كنتُ أتمنى أن أكون معها".

وما كان يُهوّن على أبو خضير مرارة البعد هو رؤيته لأسرى آخرين غابوا عقودًا من الزمن عن أبنائهم "ذوي المحكوميات العالية" ولا يدرون أيلتقون بهم أم لا، "ومن أكثر قصص البعد إيلامًا أولئك الأسرى الذين أُعيد اعتقالهم بعد أن أُفرج عنهم في صفقة "وفاء الأحرار" وتزوجوا وأنجبوا وتركوا وراءهم أطفالًا صغارًا".

ويُضاف لأكثر القصص ألمًا –وفق أبو خضير- الأسرى الإداريون الذين سلبهم الاعتقال الإداري المتكرر أكثر من نصف أعمارهم كالشيخ حسن يوسف ومحمد أبو طير، "فأولئك يُسجنون قرابة العامين إداريًّا ثم يُفرج عنهم لشهر أو شهرين ثم يُعاد اعتقالهم وهكذا دواليك.. هؤلاء أيضًا محرومون من التمتع برؤية أبنائهم يكبرون أمام ناظريهم".