أشعل الشعب الفلسطيني على مدار القرن الماضي العديد من الانتفاضات والهبات لمواجهة مشاريع التهويد التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في القدس، بدءًا من هبة البراق 1929 وما تبعها من مواجهات الأقصى عام 1990، وانتفاضة الأقصى عام 2000، في أعقاب تدنيس المجرم ارئيل شارون باحات المسجد الأقصى وانتفاضة القدس عام 2015، وبعدها هبات متتالية على أبواب المسجد الأقصى، والمواجهات التي وقعت في باحات المسجد الأقصى التي ارتقى إثرها عشرات الشهداء في سنوات طويلة.
الشعب الفلسطيني لم يترك المسجد الأقصى يومًا، بل دافع عنه بالدماء والأرواح وقدم الآلاف من الشهداء، دفاعًا عن المسجد الأقصى وتصدى وقاوم كافة مشاريع التهويد والاستيطان التي نظمها، وقام بها الاحتلال الإسرائيلي ضد القدس منذ عام 48، حتى اليوم، وقدّم شعبنا الحماية للمسجد الأقصى منذ عام 67 حتى اليوم، ورغم كل ما جنده الاحتلال من أموال وإمكانيات ودعم لتهويد المسجد الأقصى، إلا أنه لم ينجح حتى الآن في تنفيذ مخططاته، لكن محاولات تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بعد سنوات من التهجير والهدم للمنازل والأحياء الفلسطينية في القدس، وعزل للمسجد الأقصى عن البلدة القديمة وإقامة الأنفاق تحت المسجد الأقصى، ومواصلة الحفريات وإبعاد الشخصيات الوطنية والإسلامية والمسيحية عن المدينة وخاصة عن المسجد الأقصى.
على الرغم من التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، إلا هناك تقصيرًا واضحًا على الصعيد الرسمي الفلسطيني وفي مستويات أخرى على الصعيد الجمعي الفلسطيني فيما يتعلق في حماية المسجد الأقصى عبر الرباط الدائم المتواصل فيه، لمواجهة عمليات الاقتحام اليومية والتدنيس التي تقوم بها جماعات يهودية متطرفة عبر محاولة إقامة الصلوات التلمودية في باحات المسجد الأقصى، إضافة إلى غياب الدعم الرسمي للمقدسيين وخاصة في البلدة القديمة الذين يمثلون السند الحقيقي للمسجد الأقصى وهذا التقصير، يقع على الفلسطينيين في الضفة الغربية وكذلك الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 48 الذي يستوجب أن يكون هناك جهة فلسطيني منظم ومتواصل في حماية ودعم وإسناد المرابطين داخل المسجد الأقصى، وخاصة من يتعرضون للاعتقال والمطاردة والإصابة من قبل جنود الاحتلال والملاحقة من أفراد شرطة الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى وبينهم وعلى رأسهم المرابطات الفلسطينيات في المسجد الأقصى.
سبل مواجهة سياسات الاحتلال الممنهج في تنفيذ التقسيم الزماني والمكان يحتاج إلى كل جهد فلسطيني لمنعه والتصدي له ووقف مخططات الاحتلال التي ينفذها بشكل متدرج ومتدحرج لفرض وقائع يصعب على الفلسطينيين تغييرها لاحقا، وهو أسلوب يهودي وصهيوني بامتياز يقوم على فكرة فرض أمر واقع كما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل حيث تم تقسيمه زمانيًّا ومكانيًا، وصل إلى حد منع رفع الأذان، وكذلك منع الصلاة به والسماح بإقامة الصلوات اليهودية داخل المسجد الإبراهيمي في الخليل، وسط غياب رسمي فلسطيني وكذلك عدم وجود تحرك شعبي متواصل في الخليل يواجه إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وهو ما يخشى أن يتكرر في المسجد الأقصى.
الجهد الفلسطيني المنظم تجاه المسجد الأقصى يساهم في حمايته من مشاريع التهوية اليهودية وكذلك تقديم الدعم للفلسطينيين والمقدسيين بشكل خاص في مدينة القدس يعني إفشال مشاريع تهويده التي يسعى وينفذها الاحتلال الإسرائيلي باستمرار بهدف السيطرة على المسجد الأقصى وإقامة الصلوات التي التلمودية وصولًا، إلى تقسيمه زمانيا ومكانيا، مما يعني قيام المجتمعات المتطرفة بإعادة بناء ما يسمونه الهيكل اليهودي على أنقاض المسجد الأقصى.