فلسطين أون لاين

يضع إجراءات تعجيزية أمام الروائية زهرة خدرج

تقرير "وقائي قلقيلية" يحرم "عصفور فلسطين" التحليق في الفضاء الاجتماعي

...
زهرة خدرج
غزة/ يحيى اليعقوبي:

"نغرس البذرة الآن، فتصبح شجرة حلوة الثمر بعد حين، الجهود الجادة المخلصة لله لا تضيعُ أبدًا" كانت هذه رؤية وشعار رفعته الكاتبة والروائية د. زهرة خدرج بافتتاحها مركز عصفور فلسطين الثقافي في قلقيلية، أرادت منه جعل الثقافة سبيلًا لحياة المجتمع والفئات المستهدفة في فلسطين عمومًا وخاصة في محافظتها، لتأخذ بيد الأطفال والشباب في القيام بأشياء مفيدة واستثمار أوقات العطلة وبناء أنفسهم في هذه اللحظة لأجل المستقبل وألّا تتركهم أسرى للفراغ والشارع.  

لم يمضِ أكثر من ثلاثة أسابيع على افتتاح خدرج وزملائها للمركز، حتى استدعاها جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة، وأجبرها تحت الضغط على توقيع تعهد بإيقاف عمل المركز بذريعة عدم استكمال إجراءات التحقيق، مؤكدة أنها هُدِّدت بعدم الخروج من المركز في حال لم توقِّع".

ومركز "عصفور فلسطين" هو مركز ثقافي مجتمعي أدبي رياضي اجتماعي ترفيهي، وجدت فيه خدرج مساحة لتحرير أفكارها من أقفال التضييق طوال السنوات الماضية، إذ حاولت كثيرًا تطبيق أفكارها في تنظيم دورات في التنمية المجتمعية، ولكنّ أبواب المؤسسات والمراكز أُغلقت أمامها لذرائع متعددة، لتجد في إنشاء المركز فرصة للخروج من كل هذا التضييق، لكنها اصطدمت في "الأمن الوقائي".

يُخصّص المركز أنشطته للأطفال والشباب ولا يستثني الفئات الأخرى من نساء ورجال، وخطرت فكرته لدى خدرج لكون المحافظة مهمشة ولا يوجد فيها أنشطة ثقافية هادفة "ملتزمة" بالتصور الذي وضعته، رغم وجود مؤسسات ومراكز بتوجهات مختلفة، فغرست بذرة المشروع وأعلنت الافتتاح قبل ثلاثة أسابيع.

استدعاء من رقم خاص

باتصال هاتفي من "رقم خاص" يستطيع أي شخص انتحال صفة "الوقائي"، جرى استدعاء الروائية خدرج، وهو ما اعتبرته طريقة "مستفزة" وغير قانونية لم يتم التوضيح فيها سبب الاستدعاء، وتقول لصحيفة "فلسطين": "لكن وبطلب من زميلتي في المشروع التي وصلتها رسالة أخرى على بيت أهلها، ذهبت لمقر الوقائي".

وأضافت: "سألت أفراد الأمن عن أسمائهم فأخبرني أحدهم أنه ليس مهمًا أن أعرف ذلك"، ثم قال لي عن سبب توتّري: "يبدو أنكم تعملون شيئًا خاطئًا"، فأخبرته أنّ مصدر التوتر هو سمعة الجهاز السيئة بين الناس هو ما يجعلني غير مرتاحة داخل أسوار المقر الأمني".

عن مبرر الاستدعاء وتوقيف عمل المركز بحجة عدم استكمال إجراءات الترخيص، توضح أنه رخصت المركز تحت مسمى شركة عامة عادية ربحية، وكان مبرر "الوقائي" أنها لم تعمل بذلك وتقوم بأنشطة غير ربحية، واتهمها بأنها جعلت الترخيص واجهة لشيء يجهله الوقائي.

تعلق على اتهام الوقائي: "أوضحت لهم فكرة عمل المركز لكنهم لم يقتنعوا، فنشاطنا يبدأ على شكل أنشطة مجتمعية بهدف استقطاب الفئات المستهدفة من خلال دورات وأنشطة عديدة، وبعدما يقوم الناس بالتعرف على المركز سنقوم بإعداد دورات مدفوعة ومعارض مطبوعة".

حرمانها من الفرصة

تستغرب خدرج أنه لم يمر على افتتاحها للمركز ثلاثة أسابيع ويتم استدعاؤها للمقابلة وإجبارها على توقيع تعهد بعدم ممارسة أيّ نشاط لحين استكمال الترخيص، أي إنها لم تعطَ فرصة للعمل وللحكم على أنشطتها وطبيعتها.

وتردف: "أبلغت أفراد الأمن أنهم بإمكانهم متابعة ما ننشره من إعلانات وأنشطة على صفحتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، أو بإمكانهم إرسال مندوبين عنهم لمشاهدة الأنشطة وحضورها، لرؤية إن كنا نقوم بأشياء خاطئة كما اتهمني، وأخبرته أن من يعمل شيئًا خاطئًا يقوم به في الخفاء وليس في النور".

ونقلت خدرج عن محامين ومؤسسات قانونية رفضهم تضييق عملها وإجبارها على توقيع تعهد؛ ما دفعها لاستكمال العمل وتنظيم أنشطة ترفيهية للأطفال والإعلان عن دورات.

 وستُخصّص جزءًا من أنشطتها لاستضافة أسرى محررين وكانت تستعد لاستضافة زوجة الأسير عباس السيد للحديث عن النطف المهرّبة، ولكن نتيجة الخشية من حدوث ضرر لفكرتها من الوقائي قامت بتأجيل اللقاء الذي سيكون نواة للقاءات أخرى عن الأسرى.

وتدافع عن فكرتها أمام كلّ ما تواجهه من تضييق قائلة: "عندما نستضيف زوجة أسير بشكل إنساني، لتتحدث عن حقّها في الإنجاب الذي تكفله كل الأعراف والمواثيق الدولية، وهي محرومة لأنّ زوجها منفيٌّ خلف مؤبدات وقضبان إسرائيلية، فلا أعرف لماذا تصل الصورة مشوهة".

وترفض الروائية أن تجعل كتابتها جوفاء ليس لها قيمة ومعزولة عن الوطن، وتسعى لتسخير كتابتها وإمكاناتها العلمية في خدمة قضيتها من خلال مقالات تنشرها في الصحف والمواقع الإعلامية وكتب تؤلفها، ومن خلال دوراتٍ تسعى لتنفيذها على أرض الواقع.

وتتساءل: "هل يعقل أن يطلبوا منا أن نقوم باستصدار ترخيص على كلّ نشاط سنقوم به؟، فما الأهم؛ ترخيص المركز أم إذن؟ مشيرة إلى أنّ ضابط الأمن الوقائي طلب منها في حال كانت تريد الاحتفال في المولد النبوي أن تحضر ترخيصًا من وزارة الأوقاف، وينسحب الأمر على ذلك في جلب ترخيص من نادي الأسير لتنفيذ برنامج "خارج القيد"، معتبرةً ذلك نوعًا من التعجيز لوقف العمل في المركز.