وسط قرى جنوب الخليل المهمشة بفعل إحاطتها بالمستوطنات الإسرائيلية من كل الجوانب، يجوب فريق ديانا السويطي المسرحي القرى ليوفر لأطفالها المحرومين الترفيه، مستمدةً قصصها من التراث الفلسطيني وشخصياته التاريخية لتعالج قضايا معاصرة تهم الأطفال.
ففي مخزن صغير مساحته 30 متراً مربعاً منحته بلدية بيت عوا للفريق يمارس أعضاؤه الخمسة أنشطتهم من اجتماعات و"بروفات" ويضعون أدواتهم فيه، وليس ذلك فحسب بل إنهم افتتحوا في جزء منه مكتبة يرتادها أطفال القرية لقراءة القصص والتناقش فيها.
ويحمل فريق السويطي المسرحي اسم "الثلاجة" المستوحى من معاناة القرية مع الثلاجات المستعملة "المخراز" التي يجلبونها من (إسرائيل) ويتاجرون فيها، -في جزء من اعتماد القرية في دخلهم على الأثاث المستخدم الذي يجلبونه من الداخل الفلسطيني والذي يكون أغلبه ثلاجات- فيبيعون ما هو صالح منها، أما ما هو تالف فيأخذون النحاس والألمونيوم والحديد منه، فيبقى الهيكل البلاستيكي للثلاجة.
تقول السويطي: "هذه الهياكل أصبحت تشكل أكبر ملوث للبيئة عندنا، فهي تغطي معظم الأراضي الزراعية، في حين يقوم البعض أحياناً بحرقها وآخرون برميها بين الشجر، فيما يستخدمه القليل منهم لزراعة الورد أو صنع أسوار وجدران منه، لذلك اختار الفريق اسم "الثلاجة" في تنبيه لهذه المشكلة المتفاقمة والحاجة لحل".
ويعمل الفريق على عرضيْن مسرحييْن مؤخراً، أحدهما باسم "كابوس عمر" هدفه التوعية بمساوئ التنمر في البيوت والمدارس من خلال توظيف "عائلة ظريف الطول"، "نحن نربط شخصيات وقصص تراثية، بقضايا معاصرة من واقع حياة الأطفال في الشارع الفلسطيني".
وتضيف: "الإنتاج الثاني هو قصة بعنوان "السيد الأسد ولص التفاح" من إنتاج مؤسسة تامر، وحالياً نعمل على إنتاج فني ثالث سيكون جاهزاً بنهاية العام الحالي".
شهرة أكبر
ويطمح الفريق لأن يحظى بشهرة أكبر لكونه يحمل فكرة متميزة في المسرح، "نحن راضون عما حققناه حتى الآن في فترة قصيرة من التأسيس "تأسس في عام 2019م" لكننا نطمح لأن نصل لجمهور أكبر داخل وخارج فلسطين، وأن نشارك في مهرجانات دولية".
ومن الطموحات التي يسعى الفريق لتحقيقها زيادة عدد أعضائه، تقول السويطي: "فنحن الخمسة ملقى على عاتقنا أعباء كبيرة غير التمثيل وهي الإدارة والتسويق خاصة أن ميزانيتنا محدودة ولا يمكننا أن نوظف مزيداً من الأشخاص، ونتمنى أن يكون لنا مقر أوسع يمكننا من استيعاب كل الأطفال".
فالفريق حالياً يحول مقره لمكتبة عامة في يومي السبت والخميس من كل أسبوع، ليكون متنفساً للأطفال في "بيت عوا" الذين يفتقرون للأماكن الثقافية والترفيهية، "يقرأ الأطفال هنا القصص ونناقشها معهم ومنهم من يكتب قصصا أو يصنع دمى، المكان شكّل نقلة نوعية للقرية، لكنه لا يخدمنا في ظل الإقبال المتزايد للأطفال، فقد كان يأتينا في اليوم الواحد عشرة أطفال، الآن لا يقل العدد عن ستين طفلاً يومياً".
ويجتذب مسرح "الثلاجة" ليس فقط الأطفال بل ذويهم أيضاً الذين يستمتعون بالعروض المسرحية، "ويسألوننا عن أماكن عروضنا القادمة، أما الأطفال فهم يندمجون بالكامل في العرض الذي لا يقل عن الساعة، حيث نعتمد نظام المسرح التفاعلي فيكون الطفل جزءاً من العرض ويساعدنا في الوصول للنهاية"، تبين السويطي.
وتمضي إلى القول: "هدفنا الرئيسي من المسرح والعروضات المسرحية هو صحة نفسية أفضل للأطفال وإبعادهم ولو قليلاً عن الإنترنت الذي يقضون غالب وقتهم للأسف عليه، ونشر ثقافة المسرح في قرى جنوب الخليل المهمشة وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الأطفال لرؤية المسرح على أرض الواقع".
وتشير إلى أنهم لم ينشروا شيئًا عبر الإنترنت خلال فترة الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا، "فهدفنا أن يرى الطفل المسرحية بشكل مباشر".
ويعمل المسرح بتقنية الدمى الخشبية المعلقة والقصر الخشبي التي تستخدم لأول مرة في فلسطين بالتعاون مع مسرح "رويال مارينوت" البلجيكي، "فنحن ندمج بين المسرحيْن الفلسطيني والبلجيكي، فالقصص والروايات هي من التراث الفلسطيني، باستخدام الأدوات البلجيكية".
ورغم عدم دراسة السويطي للمسرح فإنها نمت موهبتها بالتدريب بدءًا من عام 2010م إلى أن عملت في أحد مسارح الخليل (بين عاميْ 2014 و2019) ثم استقالت وأنشأت مسرح الثلاجة.