بين دفتي كتيب التراث الفلسطيني تأخذك كرمل وصديقها سامي بجولة لتعرفك على "قلعة برقوق" الأثرية في خان يونس جنوبي قطاع غزة، تعود معهم إلى القرن السادس عشر الميلادي، وهي تاريخ بناء القلعة في دولة المماليك، حيث أسند السلطان برقوق؛ مؤسس دولة المماليك البرجية، إلى الأمير يونس بن عبد الله النورزي بناء هذه القلعة في مركز تلك المدينة التي سميت على اسمه "خان يونس".
تم إصدار كتيب التراث الفلسطيني بمشاركة 13 فتاة، وثلاثة فتيان، متعددي المواهب ما بين تأليف القصص، والأعمال الحرفية، والرسم، صمموا الأعمال التفاعلية التي تضمنها الكتيب، من متاهات، قصص قصيرة، ورحلة تفاعلية، ومجموعة من الألعاب التراثية والتفاعلية، القص، واللصق، والكتابة، والتلوين، وتجميع الأحرف، والقصص الشعبية والعادات والتقاليد.
الكتيب أصدرته جمعية الثقافة والفكر الحر، مركز بناة الغد، بالتعاون مع منظمة الإغاثة الأولية الدولية.
وأمضى الأطفال ستة أشهر ما بين البحث، والزيارات الميدانية، وتصميم الألعاب التفاعلية، وصولا إلى طباعة الكتاب وتوزيعه مجانًا على الأطفال.
حماية الموروث
تقول منسقة الأنشطة الثقافية في مركز بناة الغد التابع لجميعة الثقافة والفكر الحر ميساء سلامة: "من الأهداف الإستراتيجية للجمعية هي حماية الموروث الثقافي، حيث تنفذ ورشات أثرية، ولديها مركز تربوي يحث الأطفال على الحفاظ على موروثهم الثقافي من خلال أعمالهم وأنشطتهم".
وتضيف سلامة لـ"فلسطين": "فكرة الكتيب انطلقت من امتداد لبرنامج صفحات أثرية بتصميم محتوى تفاعلي يتضمن قصة، وألعابًا، ووسائل أخرى لتعزيز الموروث الثقافي الفلسطيني بطريقة تفاعلية بأيدي الأطفال أنفسهم".
ولربط الفتية بتراثهم، تبين أنه تم أخذهم في جولات ميدانية للمناطق الأثرية، بالإضافة إلى تسيير رحلات بمشاركة والديهم، لإذكاء عنصر المشاركة والتفاعل بين الأطفال وآبائهم، كما تم عقد ورشات تفاعلية لتصميم الألعاب، وبالإضافة إلى ورشات الحكواتي، داخل الجمعية.
ولم تكتفِ الجمعية بزيارة المواقع الأثرية في قطاع غزة، ولتعذر وصولهم إلى العاصمة (القدس)، ومحافظات الضفة الغربية، تشير سلامة إلى أنه تم عقد لقاءات عبر برنامج "زووم" بين الفتية بغزة وأقرانهم في الضفة والقدس وحدثوهم عن أبرز الآثار هناك.
وعن الهدف من إصدار الكتيب التفاعلي، توضح أنه يتجلى في الحفاظ، وحماية الموروث الثقافي الفلسطيني المادي، والشفهي، في ظل الرقمنة والتكنولوجيا بطريقة فعالة.
شواهد على الجذور
وتؤكد سلامة أن الإصدارات من الكتب، والكتيبات، تربط الأطفال بأرضهم، وتعزز التراث، لأنها شواهد تدل على الجذور الفلسطينية في هذه الأرض، من خلال تبسيط المعلومات لمعرفة تاريخ وآثار وطنهم، والمحافظة في ذات الوقت على الوصل بين الماضي والحاضر.
وتذكر أنه تم طباعة 500 نسخة من الكتيب ويتم توزيعها مجانًا على الأطفال من عمر ست سنوات إلى 17 عامًا.
وتفيد سلامة بأنه سيتم تحويل الكتيب إلى تطبيق تفاعلي يمكن تحميله على الهواتف الذكية، ليتمكن أي طفل في العالم من استخدامه والتعرف على الثقافة الفلسطينية.
مواكبة الحداثة
من جانبها تقول مدير عام جمعية الثقافة والفكر الحر، مريم زقوت: "الكتيب التفاعلي يأتي ضمن الأنشطة والبرامج، والمهرجانات التفاعلية، والإبداعية لجمعية الثقافة والفكر الحر لتعزيز وترسيخ الهوية الفلسطينية، والموروث الثقافي، والتراثي في عقول الأطفال ليتناقلوه عبر الأجيال".
وتؤكد أهمية تطوير التراث وعصرنته ليواكب الحداثة مع المحافظة على العراقة، "لتبقى فلسطين حاضرة في واقعنا وواقع أطفالنا من أجل الوقوف ضد كل محاولات الاحتلال لطمس هويتنا الفلسطينية، الذي يحاول بشتى الطرق اغتيال الرواية الفلسطينية حتى لو ارتكب جرائم قتل كما حدث مع الشهيدة أيقونة الإعلام شرين أبو عاقلة".
التنمية الاجتماعية
بدورها أثنت رفيف العمصي ممثلة منظمة الإغاثة الأولية الدولية على التفاعل والمشاركة الإيجابية للمشاركين من الفتيان، والفتيات بمركز بناة الغد في الورش، والنقاشات التي أسهمت بتطوير هذا الكتيب التفاعلي حول التراث الفلسطيني"، مؤكدة أن حماية الإرث الثقافي حق أساس من حقوق الإنسان المتفق عليها عالميا".
وتبين أن الكتيب جاء ضمن برنامج "انتقال 2030"، وهو برنامج لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال حماية الموروث الثقافي الفلسطيني من خلال الحماية الطارئة وترميم المواقع الاثرية والتدريب وبناء القدرات.