فلسطين أون لاين

تركوا زوجته الحامل وحيدةً في الطريق

بأسلوب "المافيات".. وقائي السلطة يختطف الشاب "هريش" من سيارته

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

سيارتان مدنيتان مسرعتان تعترضان سيارة أحمد هريش (28 عامًا) وبجانبه زوجته الحامل في طريق عودتهما إلى بلدة "بيتونيا" بعد زيارة عائلية لعائلة زوجته في مدينة رام الله، إذ ترجّل عشرة أفراد ملثمين ومسلحين من السيارتين بخطوات متسارعة، وسحبوه من السيارة وقيدوا يديه من الخلف وأنزلوا رأسه للأسفل.

نزلت زوجته الخائفة تلاحق الملثمين المجهولين تصر على معرفة هويتهم خشية أن يكونوا قوات إسرائيلية خاصة: "انتو مين؟"، ليرد أحدهم قبل انطلاق السيارتين: "احنا فلسطينية زيك"، وتركوها بين مخاوفها وحيدةً في منتصف الطريق، حتى جاء أحد المواطنين وساعدها على قيادة السيارة والعودة إلى منزل عائلتها على بعد 200 متر من مكان الحدث، ليتضح لاحقًا أن الملثمين عناصر من جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة.

كان الاعتقال أشبه بطريقة اعتقال قوات الاحتلال الخاصة أو أسلوب "المافيات"، لحظات عصيبة عاشتها زوجته لأول مرة، فلم يمضِ على زفافهما سوى أربعة أشهر، لكن زوجها الذي لم تستطِع شقيقته أسماء حصر عدد مرات اعتقاله في سجون السلطة قالت لصحيفة "فلسطين"، إنه اعتاد الاعتقال من الطرقات وأماكن العمل والبيت في الصباح والمساء، وهو أسيرٌ محرر أمضى في سجون الاحتلال خمس سنوات وأفرج عنه في أغسطس/ آب الماضي.

"عندما علمنا بالحادثة ذهبنا إلى بيت أصهار أخي، وعلى مدار ساعتين لم تستطِع زوجته الحديث ورواية ما جرى من شدة الخوف، فقد كان الحدث مرعبًا لها، ثم تفاجأنا باتصال آخر من إخوتي بأن أفرادًا من مخابرات السلطة يداهمون عدة منازل للعائلة في بيتونيا"، تروي شقيقته التفاصيل حين كانت في المحكمة تتابع ما آلت إليه الأمور في قضية شقيقها.

عندما وصلت أسماء ووالدتها إلى منزلهما كان المشهد يشبه اقتحام قوات الاحتلال القرى الفلسطينية، واصفة المشهد: "رأيت أكثر من 50 عنصر أمن ونحو 20 جيبًا يحاصرون ويطوقون المنطقة بالكامل، لكن مع ذلك حاولت معي أمي الدفاع عن إخوتي".

لا تجد وصفًا يناسب حجم ما جرى معهم: "للأسف ما جرى لا يمكن تخيله، جاءت تلك العناصر لاعتقال أخي الثاني محمد وأرعبوا أطفاله الثلاثة، وكذلك أرعبوا الأطفال والنساء في منازل أعمامي في أثناء اقتحامهم، وفتشوا مخازن شركتنا لتجارة البلاستيك".

وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت الشاب "هريش" في 28 مايو/ أيار 2017 بعد دهم منزله وتفتيشه وتحطيم محتوياته، ونال حريته في سبتمبر/ أيلول 2020، وفي يناير/ كانون الثاني 2021 أعاد الاحتلال اعتقاله حتى أغسطس الماضي، ثم تزوج. ومنذ عام 2012 تتناوب سجون الاحتلال والسلطة على تغييبه عن عائلته.

استطاعت عائلة الشاب "هريش" لأول مرة منذ ثماني سنوات الاحتفال بيوم ميلاده في 31 مايو الماضي، ففي المرات السابقة كان يمر هذا التاريخ وهو معتقل إما لدى السلطة وإما لدى الاحتلال.

لم يكُن الشاب "هريش" بعيدًا عما عاشه والده الذي اعتقل عام 2009، وتعرض لجلطة مفاجئة في إثر الاعتقال وتدهور وضعه الصحي، وهو أيضًا أسير محرر أمضى قرابة ثماني سنوات في سجون الاحتلال.

وبحسب زوجته، تعرض الشاب "هريش" إلى التعذيب والضرب والشبح في كل مرة يعتقل فيها.

وفي وقتٍ يصعّد فيه المستوطنون اعتداءاتهم بحق أبناء شعبنا، بالتزامن مع حملات اعتقال واسعة ينفذها جيش الاحتلال تشن أجهزة أمن السلطة أيضًا حملة اعتقالات واسعة بحق المواطنين.

ووصف رئيس مجموعة "محامون من أجل العدالة" المحامي مهند كراجة الوضع داخل مراكز تحقيق أجهزة أمن السلطة بـ"المأساوي" خاصة بما يتعلق بالنشطاء السياسيين، مؤكدًا أن كل المعلومات الواردة تشير إلى وجود تعذيب وسوء معاملة وتخويف للناس ونقلهم من مدنهم وقراهم لمركز تحقيق أريحا، وتخويفهم من هذا المركز.