شارك عدد من النواب المقطوعة رواتبهم في الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، بوقفة احتجاجية أمام المحكمة الإدارية العليا بمجمع المحاكم بمدينة البيرة، رفضًا لقطع رواتبهم التقاعدية.
وجاءت الوقفة الاحتجاجية تزامنًا مع جلسة للمحكمة الإدارية العليا، إثر الطعن في قرار محكمة العدل العليا، لصالح صرف الرواتب التقاعدية لأعضاء المجلس التشريعي.
وطالب النائب ووزير المالية السابق الدكتور عمر عبد الرازق، في بيانٍ تلاه باسم النواب المقطوعة رواتبهم، النيابة الإدارية بسحب الطعن، داعيًا وزارة المالية والحكومة ورئيس السلطة إلى احترام حكم القضاء، وصرف رواتبهم التقاعدية.
وأشار عبد الرازق إلى أنّ هذه المطالبة تأتي في إطار العمل بالقانون الأساسي والقوانين الأخرى ذات العلاقة، وتحقيقًا لمبادئ العدالة والمساواة واحترام القانون، متطرّقًا إلى التفاصيل التي مرت بها قضيتهم.
وأوضح أنه "بعد صدور قرار حلّ المجلس التشريعي فُوجئ 47 نائبًا في الضفة بعدم صرف رواتبهم التقاعدية أُسوة بزملائهم كما وتم وقف التأمين الأساسي وتعديلاته وقانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004، وقد تم تنفيذ تلك الإجراءات اعتبارًا من تاريخ 1/12/ 2018، أي ما قبل صدور قرار المحكمة الدستورية التفسيري بثلاثة أسابيع، وكل ذلك بتعليمات شفوية من الرئيس".
وتابع: "قام النواب بجهود مكثفة للتواصل مع جميع الجهات المعنية، ابتداء برئيس الوزراء ووزير المالية وأعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وتم توجيه خطابات رسمية للرئيس وجميع الجهات المسؤولة ومؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والتي بدورها ومن خلال مديرها العام عمار دويك قامت بحمل الشكوى للرئيس، وكان رده عليه أنّه بإمكان النواب التوجه للقضاء وبأنه سيحترم حكم القضاء".
وأكد النائب عبد الرازق أنّ وزارة المالية وهيئة التقاعد مارستا تمييزًا صارخًا ينتهك مبدأ المساواة المحمي بموجب القانون الأساسي، حيث أنهما امتنعتا عن صرف المخصّصات التقاعدية لهؤلاء النواب، بالرغم من إخطارها حسب الأصول، في حين قامت بصرف المخصّصات التقاعدية لباقي النواب مباشرة ودون انقطاع.
وذكر أنّ النواب توجهوا إلى المحكمة العليا الإدارية، والتي أصدرت قرارها بعد مداولات استمرت سنة ونصف السنة في مدينة رام الله بتاريخ 22/11/2021، وقد نصّت على أنه تبيّن أنّ المُستدعين هم أعضاء سابقون بالمجلس التشريعي حُرموا من حقّ الحصول على مخصّصاتهم ورواتبهم التقاعدية المقررة لهم بموجب قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004، في حين ثبُت منح هذه المخصصات والرواتب التقاعدية لأقرانهم وزملائهم من ذات الفئة، وهم أعضاء المجلس التشريعي لدورة 2006، وِفق الكشف المُقدّم من النيابة العامة.
وأردف قائلًا: "ما يجعل القرارات المطعون فيها مخالِفة لأحكام القانون الأساسي المعدل للعام 2003، خاصة المادة 9 منه، ومخالِفة للّائحة التنفيذية لقانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين، ومخالِفة لأحكام المادة المُعدّلة من قانون التقاعد العام ومخالِفة لأحكام الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز كافّة، كما ويجعل من القرارات المطعون فيها معيبة بالانحراف في استخدام واستعمال السلطة إخلالها بمبدأ المساواة ما يوجب إلغاءها".
وأفاد بأنّ وزارة المالية لم تلتزم بتنفيذ قرار المحكمة العليا في حينه، وقام محامي النواب بمخاطبة الجهات ذات العلاقة، وقد تبيّن بأنّ النائب العام قام بمخاطبة وزارة المالية لتنفيذ القرار، إلى جانب توصية من الدائرة القانونية بالوزارة بالتنفيذ، لكنّ وزير المالية لم يلتزم بذلك.
وبيّن أنّ النواب تفاجؤوا بتقديم طعن في قرار المحكمة العليا، من قِبل رئيس النيابة الإدارية لدى المحكمة الإدارية العليا، والتي شُكّلت من قِبل الرئيس بتاريخ 18/3/2022 أي بعد صدور قرار العليا بأربعة أشهر، وفي ذلك مخالفة لمبدأ عدم رجعية القوانين، والذي ينصُّ على أنه لا يسري القانون إلا على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي.
ولفت إلى أنّ النيابة الإدارية استندت في طعنها إلى الادّعاء بأنّ النواب المقطوعة رواتبهم تعمّدوا عدم حضور جلسة المجلس التشريعي التي كانت مقررة بتاريخ 11/7/2007 والتي دعا إليها الرئيس لافتتاح الدورة الثانية من دورات انعقاد المجلس التشريعي، وادّعت بأنّ عدم حضور النواب أسقط نِصاب انعقاد المجلس التشريعي، وحيث أنّ ما أوردته النيابة بهذا الشأن يخالف الحقيقة ولا يستند لأيّ أساس واقعي، حيث أنه من الثابت بموجب الوثائق أنّ 20 عضوًا من أصل 27 عضوًا (المطعون ضدهم)، كانوا قيد الاعتقال لدى سلطات الاحتلال، وبالتالي فإنّ الذي حال دون حضورهم الجلسة هو سبب قاهر يتمثل بالاعتقال في سجون الاحتلال.
ونوّه إلى أنّ باقي النواب الذين كانوا في خارج الاعتقال حضروا الجلسة التي دعا إليها الرئيس، وأثبتوا حضورهم في قاعة المجلس التشريعي، إلا أنّ الجلسة لم تنعقد لأسباب لا علاقة للنواب بها وإنما تتعلق بباقي الكتل.
وأفاد بأنّ النواب حرصوا منذ انتخابهم على لعب دورٍ إيجابيٍّ وتصالحيٍّ ووحدويٍّ وكان لهم دور فاعل في عدة محطات لتقريب وجهات النظر والدعوة للوحدة وتعزيز الشراكة خلال لقاءاتهم المتعددة مع الرئيس، وتقدموا بعد خروجهم من الاعتقال لدى سلطات الاحتلال في منتصف عام 2009، بأكثر من طلب للرئيس للدعوة لانعقاد المجلس التشريعي، وأعلنوا مواقفهم ضد الانقسام أو الانخراط فيه من باب المسؤولية الوطنية.
وبحسب عبد الرازق، فقد بادر النواب فور مرور أربع سنوات على انتخابهم بالدعوة للانتخابات من خلال رسالة وجّهها رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز دويك إلى رئيس السلطة محمود عباس، ومن خلال بيان صدر للرأي العام، إلا أنّ دعواتهم لم تلقَ أيّ استجابة.
من جانبه، أعرب النائب عبد الرحمن زيدان، عن أمله أن يعود الجميع إلى رشدهم، ويُذعنوا لقرار القضاء، ويحترموا القانون الأساسي والقوانين كافّة، التي تُنظم عمل المجلس التشريعي وحقوق نوابه.
ووصف القرارات التعسّفية بحقّ النواب المقطوعة رواتبهم بأنه "اعتداءٌ أدبيٌّ على القانون، واعتداءٌ له رائحة سياسية، لأنّ جميع النواب المقطوعة رواتبهم هم من لون سياسي واحد، وسيقت مبررات متساقطة وليس لها من الواقع حظ".
ووِفق قول النائب زيدان، فإنّ هذه الحجج معيبة بحقّ السلطة القضائية، والتي تسوق مبررات تتعلق بمحاسبة النائب على وجوده في سجون الاحتلال، لقطع رواتبهم في النهاية.