منذ طفولتها لديها شغف بالقراءة، فتدّخر مصروفها الشخصي لتشتري الكتب والقصص، وتعتزل مواقع التواصل الاجتماعي لأجل التركيز في قراءة الكتب، لتعكف بعد تخرجها على رفع شعار "نقرأ لنبني أمة" الذي قادها لاحقًا لافتتاح مكتبة إلكترونية لبيع الكتب الورقية ومستلزمات القراءة.
سماح محمد نوفل (25 عامًا) من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حاصلة على شهادة بكالوريوس في الصحافة والإعلام بجامعة فلسطين، ودبلوم مكثف في الوسائط المتعددة.
تقول إنّ الجو العائلي الذي تربّت فيه والدعم الأبوي الذي حظِيت به مهّد لها الطريق لاكتشاف موهبتها في الرسم والقراءة، "فوالدي دائم الدعم والتشجيع لي ولشقيقاتي، فتربّيتُ ببيت تكون البنت فيه قد حالها، لتستطيع معايشة الظروف وأعتمد على نفسي".
وتُضيف: "كنت أُفضّل في أغلب الأوقات قراءة الكتب والروايات التي أشتريها، أعزف عن كلّ مواقع التواصل الاجتماعي وأجلس أقرأ لساعات لأُشبع فضولي الكبير بالمعرفة والبحث بمختلف المجالات".
في البداية استعانت نوفل بمكتبة الجامعة لأجل استعارة بعض الكتب، ولتستثمر كلّ أوقات فراغها بالقراءة والاطلاع والبحث عن كلّ ما هو جديد بين الكتب الورقية أحيانًا، وتلجأ إلى الإلكتروني منها في حال عدم توفُّر بعضها.
وتُوضّح أنها تُفضّل القراءة من الكتب الورقية، فتعشق رائحة الورق، وتشعر أنها قريبة من الكتاب والقصة وتفاصيلها وهي بين يديها، تبتعد عن كلّ ما يُشتّتها لكي تُركّز فيما تقرأ.
وتتابع: "حبي للقراءة كان بدافع زيادة المعرفة، كما أنها تُظهر شخصيتي بصورة أفضل وتجعلني أكثر نضجًا وحكمة، وتزيد الوعي لديّ بأمور شخصية وعقلية وفكرية، فشعرت أنّ القراءة نقلتني من مجتمع إلى آخر".
وتُشير نوفل إلى أنّ القراءة دفعت بها لاكتشاف العديد من الثقافات في دول مختلفة، والتعرف إلى كُتّاب وروائيين، وشعراء.
تعمُّقها في القراءة دفعها لإنشاء مكتبة إلكترونية لحلمها أن تعود أمة اقرأ للقراءة في ظلّ تراجع عدد القرّاء بالمجتمع، كما تقول، ومساعدتهم على توفير الكتب من خلال مشروع المكتبة، في ظلّ إقبال الكثير خاصة الفتيات على الموضة والأزياء، وابتعادهم عن الثقافة والقراءة.
وتُلفت نوفل إلى أنها تسعى لتنمية القراءة بمجتمعها، فبدأت أولى خطواتها في نشر ثقافة القراءة بين صديقاتها ومعارفها وأخواتها وذلك بشراء الكتب ذات الموضوعات المتنوعة وبعد الانتهاء منها تُبادلها فيما بينهم، ومن ثم وسّعت دائرتها لتستهدف المجتمع الغزي، وتأمل أن تتمكن من إعادة شغف القراءة للكثيرين، وتُسهم في رفع مستوى الثقافة والفكر لديهم واستثمار أوقات فراغهم بما هو مفيد.
وتُحاول نوفل من خلال مشروعها تحقيق شعارها الذي رفعته "نقرأ لنبني أمة"، وتُوفّر فيها مختلف الكتب الورقية بأشكالها وأنواعها كالروايات الأدبية العربية منها والأجنبية، والسيَر الذاتية، وأدب السجون وأدب الرسائل، إلى جانب الكتب الدينية والسياسية والعلمية، والتنمية الذاتية، وقصص الأطفال.
وتستكمل حديثها: "فتحت متجري من الصفر وأسّست فكرته وتصاميمه وآلية النشر، وعملت على جلب الكتب الجديدة وغير المستعملة سواء من داخل غزة أو خارجها، ويتم توصيل الطلب لكلّ مناطق القطاع".
واستثمرت سفرها في إحدى المرات إلى جمهورية مصر العربية والاتفاق مع إحدى دور النشر لتوفير بعض الروايات والكتب غير المتوفرة في غزة بأسعار الجملة.
وتعمل نوفل على الترويج للكتب عبر منصة "انستغرام"، وذلك بنشر غلاف الكتاب مرفقًا بنبذة عنه، في محاولة منها لنشر الثقافة وتأسيس مجتمع وقاعدة للقراءة، "أدرك أنّ الأمر ليس سهلًا، ويحتاج لوقت أطول، لكن مع الوقت سيتحقّق هدفي وسأوسّع دائرة القرّاء وأزيد نسبتهم وتنشر الثقافة، ولكنّ الإصرار سيوصلني إلى ما أحلم لإيماني بشغفي وهدفي".
وتطمح إلى أن تُحوّل متجرها الإلكتروني إلى مكتبة على أرض الواقع، وتُقدّم العديد من الخدمات للباحثين، وتحصل على وكالة لدار النشر.