فلسطين أون لاين

الإسرائيليون ونهاية حلم الدولة

لم يكفَّ الإسرائيليون عن الحديث عن نهاية دولتهم، أعرب عن ذلك رؤساء أجهزة أمنية سابقون، وكتاب ومفكرون ومؤرخون، وهناك جنرالات في الجيش أعربوا عن مخاوفهم على الدولة التي سيكون مصيرها الهلاك.

وقبل سنوات جمعت صحيفة يديعوت أحرونوت ستة رؤساء سابقين لجهاز "الموساد"، تحدثوا للصحيفة عن مخاوفهم حيال مستقبل إسرائيل، وهي تعبر إلى العقد الثامن من وجودها.

ضمن هذا السياق لم يكن مفاجئًا تحذير رئيس جهاز الموساد السابق تامير باردو للإسرائيليين عن دولتهم التي دخلت مرحلة التدمير الذاتي والسير نحو الهاوية.

ولكن الجديد هنا هو حديث رؤساء وزراء سابقين، مثل إيهود باراك الذي شكك في الوجود الإسرائيلي في العقد الثامن من عمر الدولة، وكذلك فعل رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت الذي ربط بين الماضي والحاضر، حين قال عشية الاحتفال بالذكري الـ74 لقيام دولتهم:

تفككت دولة إسرائيل مرتين، المرة الأولى حين كان عمر دولتنا 80 عامًا، والمرة الثانية حين كان عمر دولتنا 77 عامًا، ونحن اليوم نقترب من العقد الثامن، ونقف جميعًا أمام اختبار حقيقي، فهل سنتمكن من الحفاظ على دولتنا؟

إنه الخوف والقلق على مصير الدولة رغم التقدم الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، ورغم عمليات التطبيع الواسعة مع بعض الأنظمة العربية، ورغم التنسيق والتعاون الأمني، ورغم التوقيع على مئات الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية مع الأنظمة العربية، ورغم التمدد في العلاقة الدولية، حتى بدت دولة العدو الإسرائيلي وقد علت العلو الكبير في الأرض.

ورغم العلو الكبير هذا، فما زال الخوف والقلق يسيطران على عقول القادة، وهم الأكثر دراية بما خفي عن أعين العامة، وهم الأقرب إلى المعرفة بالمتغيرات التي فرضت عليهم الربط بين العقد الثامن، الذي لم تصل إليه دولهم المزعومة في الماضي، وبين العقد الثامن في الزمن الراهن.

فهل للتطور الديموغرافي الفلسطيني أثر في نشر الخوف والقلق على المستقبل، حيث يتساوى عدد الفلسطينيين مع عدد اليهود على الأرض الممتدة من النهر إلى البحر؟ أم هل أثرت المقاومة الفلسطينية التي قصفت تل أبيب على الروح المعنوية للصهاينة، بعد أن صدرت لهم بصواريخها الخوف من الراهن والقلق على المستقبل.

قد يكون للتطور الديموغرافي دور، وقد يكون للمقاومة دور، ولكنني لا أهمل دور الأيديولوجيا التي جمعت كل الصهاينة على فكرة قيام الدولة، من منطلق العودة إلى أرض الأجداد، كما يزعمون، حلم العودة هو العمق العقائدي الذي لملم اليهودي الأوكراني على اليهودي اللتواني على يهود الفلاشا على الأشكناز على السفرديم، وجعل من هذا الخليط غير المتجانس دولة أيديولوجية، ربطت مصيرها بتاريخ اليهود المكتوب في التناخ، الذي حصر بقاء الدولة في زمن أقل من ثمانية عقود.

ذلك الربط الأيديولوجي ما كان ليتحقق، وينشر الخوف والقلق في أوساط الإسرائيليين لولا وجود صواريخ المقاومة في غزة، وصواريخ المقاومة اللبنانية، ولولا وجود القدرات النووية الإيرانية، ليرتد كل ذلك خوفًا وقلقًا، وهذا الذي حرك قادة الصهاينة للحديث عن نهاية دولتهم.

لقد سبق أن توقع زعيم الصهاينة هرتزل سنة 1897، أن تقوم دولتهم بعد خمسين سنة من ذاك التاريخ، وقد صدق في توقعه، ولكن بعد أن ربط بين التوقع والعمل الدؤوب لتحقيق ذلك، وهذا هو المطلوب من الشعب الفلسطيني الذي يقف خلف المقاومة، والتي من أول واجباتها، العمل على تراكم المزيد من الفعل المقاوم، ليعزز مفهوم الخوف والقلق في نفوس الإسرائيليين.