فلسطين أون لاين

أفضل مناظر عربي وأوروبي

تقرير "حمد" يتجاوز 400 متسابق بأطروحة لمحاربة الفساد

...
محمد حمد - أرشيف
رفح/ مريم الشوبكي:

استطاع محمد حمد أن يقدم نظرة واقعية لكيفية محاربة الفساد، باعتبارها ظاهرةً تنتشر في جميع المجتمعات بغضِّ النظر عن مدى تقدُّمها أو تراجعها، وتتفاوت من حيث الحجم والدرجة بين مجتمعٍ وآخر، بِأن نعتمد على نشر الشفافية بشكلٍ كبير في أوساط المجتمعات والحكومات.

وخاطب الجمهور العربي بِما يلمسُ واقِع حياتِهم حولَ الفساد دون الغرقِ في طرقٍ خيالية "شبه مستحيلة" لمحاربة الفساد، وركّز على جذور وأُسس ذلك.

قادت تلك الأطروحة حمد لنيل المركز الأول عربيًّا وأوروبيًّا في مسابقة "تاونهول" لِمبادرةِ مناظرة -تونس، متجاوزًا ما يزيد على 400 متسابق.

وتُعقد هذه المسابقة كل عامٍ بموضوع مختلف، وتسعى المؤسسة لأن يكون الخطاب العقلاني والمنطقي والبناء، هو الصياغة التي يتمّ من خلالها شرح الأفكار واختبارها وتحسينها لتشييد مستقبلٍ أفضلَ للمنطقة، على أثرِ العلماء العرب الذين سجّلوا تاريخًا طويلًا في المناظرات.

حمد (22 عامًا) من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حصل العام الماضي على لقب أفضل مناظر في قطاع غزة، وهو حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية والإعلام.

يقول حمد لـ"فلسطين": "تعرفت على المسابقة من خلال إعلان نشرته المؤسسة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وموقعها على الإنترنت، ويُسمح أن يتقدم للمسابقة كُلُّ ناطقٍ بالعربية أينما وُجد، وهناك تركيز على الدول العربية والدول التي يكثُر فيها العرب، ثم يُدعى المُشاركون لتسجيل فيديو مدته 99 ثانية، تتحدث فيه عن رأيِكَ وتعرضَ أطروحتكَ وفكرتكَ، ثم يُعرض ذلك على موقع المؤسسة على الإنترنت".

ويضيف: "صورت فيديو مدته 99 ثانية، تحدثتُ فيه حول كيفية محاربة الفساد، والطرق الأمثل لذلك، وناقشتُ الوسائل التي أرى أنها تُمكننا من محاربة الفساد، وتحدثتُ فيه بلغة الأرقام والإحصائيات والبراهين، والأمثلة الواقعية الملموسة على ذلك، وضربتُ أمثلةً شعبية لإيصال الفكرة، ووضحتُ تلك الأفكار مجملًا على شكل نقاط منظمة، سهلةِ الفهم للمشاهد، وقابلةٍ للتطبيق".

ويردف حمد: "رفعت الفيديو على موقع مناظرة، وحين فُتِح التصويت كان ترتيبي بين المتقدمين 360. حين بدأ التصويت كان الأمر مُعقّدًا جدًّا وحدثت أعطال كثيرة بالموقع أدّت لتمديد التصويت يومين آخَرين، سعيتُ وبدأتُ بنشر رابط التصويت لجميع الأهل والأصدقاء وعلى مواقع التواصل الاجتماعي".

ويُبيّن أنه حصل على المركز الأول والأعلى تصويتًا في الوطن العربي وأوروبا، متجاوزًا ما يزيد على 400 متسابق، ثم عُقِدت لجنة الحكم التي تضُم حُكامًا من مختلف الوطن العربي وأشادت به، وبذلك يكون حصل على المركز الأول من الجمهور ولجنةِ الحكم.

ولدى سؤاله عمّا ميزه ليحصل على اللقب الأول، يُجيب حمد:" أعتقد أنّ ما ميّزني في ذلك أنّني نظرتُ للفساد نظرةً واقعية مدروسة جيدًا، بعيدًا عن الكلام الإنشائي والطرق اللامُجدية، والوهمية أحيانًا، خاطبتُ الجمهور العربي بِما يلمسُ واقِع حياتِهم حولَ الفساد دون الغرقِ في طرقٍ خيالية "شبه مستحيلة" لمحاربة الفساد، وركزتُ على جذور وأُسس ذلك".

تدريب وسعي للتغيير

ويلفت إلى أنه خاض تجارب داخل غزة حول محاربة الفساد من خلالِ تدريباتٍ وورشاتٍ، و"درستُ مناهج تعليمية حول الموضوع"، وزِد على ذلك أنه كان يتحدثَ من باب الحِرص والسعي للتغيير، وألا يكون مُجرد "مُلقٍ مُمِل"، فحاول الحديث بِاللغة العربية التي يفهمها الجميع على اختلاف عِلمه، وضرب أمثلةً شعبية رائجة بين الجمهور لإيصال الفكرة بشكلٍ أبسط وأوضح".

وهذا النجاح واجه كثيرًا من المعوقات والعقبات، فحمد صاحب المركز الأول كان يفترض أن يسافر لتونس للمشاركة في حلقة تلفزيونية ستعرض في 15 قناة تلفزيونية عربية، ولكنه لم يتمكن من السفر.

يروي تجربته: "حاولتُ حينها إرسال جوازَ السفرِ للسفارة التونسية في الضفة الغربية، لكنّ إغلاق الاحتلال للمعبر الذي يربط بين شِقّي الوطن أخّر من وصوله، ثم بقيتُ أنتظر أيامًا عديدة موافقة السفارة التونسية على "تصريح الدخول" ولكن لم يصِلني ردٌّ أو توضيحٌ من قِبلهِم، وبِذلكَ يُلغَى سفري الذي كان مُقرّرًا بِـ 20 مايو الماضي، بسببِ الاحتلال أولًا ومُماطلة السفارة التونسية ثانيًا، وتضيعُ فرصة تمثيلِ فلسطين أمام المجتمع العربي والدولي، وتِلك ليست التجربة الأولى التي لم أستطِع السفر لها بسبب كوني "فلسطينيًّا".

ويطمح حمد أن يكون عامل تغييرٍ في هذه البلاد لتصِل لحالة من الاستقرار، ويسعى لذلك بِكُلّ الطرق المُمكنة ليكون صاحِبَ قرار يومًا ما، وأن يكون له الدور الفعّال في التغيير للأفضل.

ويختم حديثه برسالة لكلّ شابٍّ فلسطينيٍّ بالسعي بِكُلّ ما يملكُ من قوة أن يكونَ عامِل تغييرٍ، ويعمل على ذلكَ بِكُلّ ما أوتِيَ من قوة "ولأنّ هذه البلاد تريدُ حريّتها وأن يصِلَ صوتُهَا ونحنُ لها، والبداية من نفسكَ ثم انشر طاقتك للمجتمع، وكُن مُغيّرًا لا عالَة".