شكَّلَت جُمعة الغضب أول من أمس، يوم وحدة الشعب من أقصاه إلى أقصاه دفاعاً عن المسجد الأقصى مَسْرى الرسول صلى الله عليه وسلم وبوابة السماء.
وفي تَحَدٍّ لغطرسة القوة يصادق " الكابينيت " الصهيوني على بقاء البوابات الإلكترونية وتعزيزها بخمس كتائب عسكرية أخرى وممارسة عربدة عنصرية وعمليات قتل منهجية في الصدر أدت إلى استشهاد ثلاثة من شباب القدس وجرح المئات والذين وصل عددهم مساء الجمعة حسب إحصاءات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى 450 مقدسياً.
أبطال القدس يردون على فاشية العدو وَلَمّا تزل دماء الشهداء الطاهرة دافئة بقتل ثلاثة من قطعان المستوطنين وجرح آخر داخل مستوطنة " حلميش " شمال غربي رام الله.
لقد تمكن هذا البطل من التسلل إلى المستوطنة التي أُقيمت في قلب الأحياء السكنية الفلسطينية والتي يتميز سوائب وحوشها بعنصرية قل نظيرها، ولهذا جاءت العملية لتشفي صدور شعب ينتفض اليوم عن بكرة أبيه.
وبغض النظر عن أن العملية البطولية الفدائية قد نفذها استشهادي واحد كُتبت له الحياة، أو بِمُساعدة آخرين، أو عدد القتلى والجرحى وهذا لن يُغيّر من الأمر شيئاً.
جمعة الغضب تُعلن أن المسجد الأقصى أضحى كل فلسطين، وأصبح المقدسيون أيقونة للرباط، يواصلون الليل بالنهار وقد أعلنوا النفير العام على بوابات الأسباط والخليل والمجلس ويافا والساهرة وحطة، وها هم أبناء القدس يعودون للصلاة في ميدان عمر أمام قلعة القدس في حدث نادر لم يحدث منذ أكثر من ألف عام!!
هذا الرباط المقدس يُوَحّد أبناء القدس وأشقاءهم شركاء الوطن من الطائفة المسيحية الذين خرجوا لصلاة الجمعة أمام بوابات المسجد في وحدة تقول للعدو إن الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحيه جَسَدٌ واحِدٌ في مواجهة النازية العنصرية الجديدة الكولونيالية التي تستهدف الوجود المادي لهذا الشعب على أرض وطنه.
الشعب الفلسطيني يخرج عن بكرة أبيه في كل الضفة الفلسطينية المحتلة رغم قرار " الضميري " بمنع المظاهرات كونها غير مُرَخَّصة، وهو أداة الاحتلال التي فقدت الضمير الوطني ولا تملك تصريح الحركة إلاّ بقرار السيد المُحتل.
مظاهرات القطاع شَمالاً ووَسَطاً وجنوباً جاءت تعبيراً عن موقف غزة العِزَّة والمقاومة ومثابرة المجاهدين المرابطين على ثغور الوطن، أبطال الأنفاق ونُخَبَ الظِّلِّ ورجال البحرية ووحدات الصواريخ ومدفعية الهاون ومخزون الاستشهاديين وآسِرِي ضباط وجنود النخبة لدى الجيش " القالوا " إنه لا يُقهر؟!
معركة القدس، تُعيد اليوم للانتفاضة أَلَقها وللشعب وِحدته، وتُؤكد أن سدنة القدس وآلاف المرابطين يُعدّون العُدّة لِغَدِ التحرير.
ويَثبُتُ في عديد المنعطفات أن الغَباء واحِدٌ من جند الله، وما نَصْب البوابات الإلكترونية إلاّ واحِدٌ مِنها، وهي حماقَةٌ سَيكونُ في مثيلاتِها مَقْتَلهُ!
لقد ظَنَّ النازيون الجُدُد، أن هذا الحدث الجَلَلَ سيكون بوابة التقسيم الزماني والمكاني وطريقاً نحو هدم المسجد الأقصى " الذي باركنا حوله، ولبناء هيكلهم المزعوم الثالث، " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"، والله يَعلم وأنتم لا تعلمون ".
وَالقدس تَغْلي بحراكٍ غير مسبوق، فهناك حَيٌّ يعُد الطعام، وهناك من يتبرع بالدم، وهناك من يتظاهر، ومن يُرابط ويعطي الدروس الدينية أو يدعو للنفير أمام البوابات.
والانتفاضة الثالثة المجيدة تدخل طوراً جديداً فَتُحرِّك الأمة في كل مدن ومخيمات الشقيقة الأردن وفي تونس والخرطوم وبعشرات الآلاف في تركيا أردوغان وفي قطر والكويت وجاكارتا وكوالالمبور حين يقود نائب رئيس الوزراء الماليزي مظاهرات عُدَّت بمئات الآلاف في طول وعرض ماليزيا.
فصائل العمل الوطني الفلسطيني المقاوم تلتقي وتقرر وضع الإصبع على الزناد، وَيُتَوّج القائد المجاهد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي هذا كلّه بدعوة الكل الوطني لاجتماع طارئ وفوري في الخارج للرد على مخططات العدو ولِصَوغ إستراتيجية وطنية شاملة توحد الشعب حول مقاومة المخاطر المحدقة بأولى القبلتين وثوابتنا الوطنية.
وتأخُذُ هذه الدعوة صداها الذي تَستحق لدى معظم الفصائل الوطنية الحيّة المقاومة. وتصدر حركتا حماس والجهاد الإسلامي بياناً موحداً ولهذا دلالته غير المسبوقة تدعوان فيه جماهير الشعب إلى التأهب وإعلان النفير العام وتصعيد الانتفاضة وفداء الأقصى بالغالي والنفيس.
وها هو الشعب الفلسطيني يستجيب للنداء داخل وخارج فلسطين المحتلة، فيتقدم البطل عُمر العبد ابن كوبر ويكتب في وصيته أنه لا يملك سوى سكين سيلبي به نداء الأقصى!
الرجل الذي اعتقله الأمن الوقائي لمرات عدة لم يستمع لنداء " الضميري " وأزلامه المتخابرين مع الاحتلال وقد غطى الصدأ أسلحتهم، وهو واحدٌ من عشرات ومئات الآلاف الذين يُقرِّرون اليوم النزول إلى الشارع ويصرّون على إزالة البوابات الإلكترونية أيّاً كان الثمن وإعادة الحرم القدسي إسلامياً خالصاً طريقاً لتحرير الوطن، كل الوطن.