لا يبدو أن حكومة الاحتلال تدرك جيدًا ماذا يعني المسجد الأقصى فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، ولو أدركت ماذا يعني الأقصى لكل مسلم في فلسطين المحتلة وخارجها لما أقدمت من الأساس على خطوة وضع البوابات الإلكترونية من أصله، ولبحثت عن حلول بديلة لما تسميه الأخطار الأمنية، إن البحث عن حلول للأمن كما تزعم حكومة الاحتلال لا ينبغي أن يكون على حساب الحق في حرية العبادة في المسجد الأقصى، وانتهاك مشاعر المسلمين.
ثم إن التراجع عن نصب البوابات الإلكترونية لا يقدم صورة نصر للفلسطينيين. الفلسطينيون لا يشعرون بالنصر البتة إلا حين يتحرر الأقصى، ويزول الاحتلال. إن التراجع عن البوابات الإلكترونية يحل المشكلة التي تفجرت ليس في فلسطين فحسب، بل وفي البلاد العربية والإسلامية رفضًا للعدوان على حرية المسلمين في الصلاة في المسجد الأقصى.
المتظاهرون، والمحتجون، والرافضون للبوابات الإلكترونية لا يبحثون عن صورة نصر كما يزعم العدو، ولكنهم يبحثون عن حرية الدخول إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه دون معوقات، وهم يرون أن البوابات الإلكترونية ليست إلا بدايات لخطط أوسع لسيطرة الاحتلال على المسجد، وتفريغه من أكبر عدد من المصلين ومنع الرباط فيه، وهذا يخالف المفهوم الشرعي الإسلامي الآمر بشد الرحال إلى المسجد الأقصى.
إن القوة الغاشمة، وسوء النية، هي التي تقف خلف هذه الخطوة الغبية، حتى في هذا الظرف الذي يناسب الاحتلال، ولا يناسب العرب والمسلمين، ومع ذلك نود أن نشير إلى المظاهرات التي عمت القدس والأراضي المحتلة وعددا كبيرا من البلاد العربية ستعمل على تخزين مشاعر غضب وشعور بالتقصير نحو الأقصى عند كل مسلم حيثما كان داخل البلاد أو خارجها، وهي المشاعر التي منعت صلاح الدين من الابتسام إلى أن مكنه الله من تحرير الأقصى من الصليبيين، وعلينا أن نذكر من يعنيه الأمر أن صلاح الدين لم يكن فلسطينيا أو عربيا، ولكنه كان كرديا مسلما يؤمن بمكانة الأقصى في الإسلام.
حين تكون الأمة العربية ضعيفة وممزقة ومشغولة بأوضاعها الداخلية وترى قادتها لا يعملون شيئا للقدس لا يعني أنهم راضون، بل هم غاضبون متألمون. هم يبحثون عن محرر ومخلص. هم ينتظرون صلاح الدين.
لقد أعلنت المرجعيات الدينية والوطنية في القدس في اجتماع طارئ لها يوم الجمعة، عدم الدخول عبر البوابات الإلكترونية نهائياً وذلك للصلاة في المسجد الأقصى؛ لأنها جزء من مخطط يستهدف السيطرة العسكرية المباشرة على المسجد الأقصى.
الأقصى يوحِّد الفلسطينيين، ويصحح بوصلة عملهم، ومن ثمة قال المتحدث باسم حكومة رامي الحمد الله: إن الحكومة الفلسطينية ترفض الإجراءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، عبر إقامة البوابات الإلكترونية، فهو مساس بقدسية المسجد الأقصى، ومساس بالوضع القائم بالقدس التي تعترف بها 137 دولة في العالم والمعروفة دولياً بالقدس الشرقية، مشددًا على أن الحكومة لن تقبل أن يجري أي تغيير على المسجد الأقصى.