فلسطين أون لاين

انتفاضة ورئيس بغضاضة

صفق أنصار محمود عباس لخطابه الأخير، والذي أعلن من خلاله عن تجميد كافة الاتصالات مع إسرائيل، لقد فرح أنصار محمود عباس بحسن الظن، والرغبة في التخلص من عار التعاون الأمني مع الإسرائيليين؛ الذي أرهق انتماءهم الوطني، فهللوا عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وتحدثوا بفخر عن وقف الاتصالات، دون الانتباه إلى لفظة "تجميد الاتصالات".


القوى الوطنية والإسلامية أدركت معاني الألفاظ ودلالتها، لذلك اعتمدت لفظة تجميد الاتصالات مع الاحتلال، واعتبرتها خطوة في الاتجاه الصحيح، إذا تم إقرانها بعدة خطوات، وأهمها، تطبيق قرارات المجلس المركزي ذات الصلة، والتي صدرت في شهر آذار 2015، ودون ذلك، فهذا كلام إنشاء لا يقدم ولا يؤخر، ولا يؤثر في مجريات السياسة الفلسطينية، ما لم يترجَم خطاب عباس إلى خطوات عملية، وفي مقدمتها وقف إجراءاته العقابية ضد غزة، والدعوة لعقد الإطار القيادي الوطني، والإفراج عن المقاومين، وإطلاق يد المقاومة في الضفة، وتبني استراتيجية وطنية قائمة على مواجهة الاحتلال.


بيان القوى الوطنية والإسلامية بيان موزون وعاقل، لا يكتفي بالتصفيق للألفاظ، ولا يرقص على مسرح السياسة لمجرد عزف منفرد على الناي، ستنقطع أنفاسه مع الحقائق القائمة على الأرض، والتي ستفرض التواصل الاجباري مع إسرائيل بشأن المسافرين وبشأن المرضى وبشأن البضائع والمعابر، فتجميد كافة الاتصالات فيه تهرب من المطلب الرئيس وهو وقف التواصل الأمني.


لقد نقلت المواقع الإسرائيلية عن الجنرال يوآف مردخاي، منسق اعمال حكومة الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، انه قال: إن الاتصالات لن تقطع، لقد حصلنا على تطمينات من قبل السلطة الفلسطينية والاتصالات مستمرة والتنسيق الأمني والمدني مستمر مع السلطة الفلسطينية".


كلام مردخاي هذا ينسجم مع الواقع، فكيف يتم قطع الاتصال بشأن حياتي يومي يخص حياة كل مواطن في الضفة الغربية، فالاتصالات المدنية لا تتوقف، ولم يطالب أحد بتوقفها.


ضمن هذه الحالة الفلسطينية من الشك، جاء حديث القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار، فقال: خطاب محمود عباس خطاب اللحظات الأخيرة، فهو يحاول من خلاله ركوب الموجة، وهو يحاول أيضاً أن يلحق بعربة القدس، بعد أن انطلقت وليس فيها له مقعد، وأضاف الزهار: لا نصدق حديث أبو مازن حول تجميد الاتصالات مع الاحتلال، هذا كلام لا يملكه؛ لأن الاجهزة الامنية منفتحة ليل نهار بالاتصالات مع الاحتلال، وهذه أمور سرية لا يراها أحد".


وبين متشكك بخطاب عباس وفرح، تجري التحولات الميدانية على الأرض، فقد خرج الشباب الفلسطيني يدافع عن أقصاه، وقلبه يراقب ما تقوله القيادات الميدانية، التي تشكلت من خلال المواجهات، قيادة فعلية تمثلت بعلماء المسلمين الشيخ عكرمة صبري، ومحمد حسين واصف البكري وعمر الكسواني وعبد العظيم سلهب ويوسف أبو سنينة ورائد دعنا ومحمد سرندح والشيخ عزام التميمي مدير دائرة الأوقاف الإسلامية، ومحافظ القدس عدنان الحسيني الذي يقول: ليست أية جهة خارج القدس تتخذ القرارات ومن القدس وحدها تعالج الأمور، كل ذلك يجري بعيداً عن 25 مليون دولار صرفها محمود عباس منحة لأهل القدس.


فهل حقاً يحاول عباس اللحاق بالركب، وركوب الموجة، كما يقول الدكتور الزهار؟ وإلى متى؟ وهل سينجح في حرف مسارها وفق مساره لو نجح في ركوبها؟ وهل سيسمح له أهل القدس وأبناؤها بركوب موجة غضبهم الثوري، وهم يغمسون كرامة الأمة بالدماء الزكية؟