السؤال الذي يطوف على كل المجالس، ويُطرح في الأسواق من قِبل الصغير والكبير، ويدور على ألسنة الناس في المكاتب والمدارس وعلى شاطئ البحر، هل ستقع الحرب يوم الأحد؟ سؤال يفتش عن جواب في قطاع غزة، وفي القدس والضفة الغربية، ولدى فلسطيني الداخل، وحتى لدى أعدائنا الإسرائيليين، بل ويجتاز السؤال حدود فلسطين ليصل إلى لبنان بالتحديد، والأردن القريب، وبقية البلاد العربية والإسلامية.
ولكل حرب طرفان، طرف ينشد الحق، ويحارب من أجل العدالة، ويحمل روحه على راحته بحثًا عن حقوقه المغتصبة، وقد قرر بكل مستوياته، وفي كل أماكن وجوده، أنه لن يسمح لمسيرة الأعلام الصهيونية بأن تقترب من مقدساته، وبأن تدنس معتقداته، وهو مجبر على خوض حرب الدفاع عن النفس، سواء كان ذلك بالاشتباك على أرض القدس وفلسطين 48، أو بالمواجهات في الضفة الغربية، وعلى طرق المستوطنين، أو بصواريخ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتي تشكل قمة التصعيد، وأرقى درجات الحضور الفلسطيني، والمقاومة جاهزة لأن تقدم الغالي والنفيس في معركة الدفاع عن المقدسات الإسلامية.
أما الطرف الآخر للحرب فهو العدو الإسرائيلي، وقد اتخذ قراره بالإجماع على تنفيذ مسيرة العدوان، والمسماة مسيرة الأعلام، وهي المسيرة التي تطعن في الحق التاريخي والديني للشعب الفلسطيني، وتوثق للقدس من تاريخ هزيمة 67، حين وقعت المدينة تحت الاحتلال، وقد أجمع الأعداء على مختلف انتماءاتهم وأحزابهم على أن مسيرة القدس عمل سيادي بالنسبة لهم، وليس مجرد موقف سياسي، لذلك هم مصممون على تنفيذ مسيرة الأعلام، حتى لو وصل التصعيد إلى حدود معركة عسكرية ضد المقاومة في غزة، كتلك التي جرت قبل عام.
ضمن معادلة الشد هذه، والمترسة خلف المواقف، يبقى دور الوسطاء، هل سينجحون في تخفيف حدة المواجهة؟ هل سينجحون في لجم رسن الحرب، أم ستنفلت الأحقاد المخزنة من عقالها، وتجري الأيام على أزيز الصواريخ؟
تقديري الشخصي أن في الحرب ضد العدو الإسرائيلي مصلحة فلسطينية قومية، فالمقاومة في غزة حريصة على توحيد الشعب الفلسطيني في معركة القدس، ومعنية بخلق حالة من النهوض الثوري في أكثر من مكان من غزة والضفة الغربية والقدس وفلسطين 48، وقد تكون المقاومة معنية بتوسيع مدى الاشتباك ليصل إلى حدود لبنان، وإلى مناطق عربية أخرى.
وفي الحرب مصلحة للحكومة الإسرائيلية الآيلة للسقوط، وفيها مصلحة حزبية لرئيس الوزراء، ومجموعة الأحزاب اليمينية التي ارتبطت في حكومة غير متجانسة، فالتطرف يوفر لهم فرصة النجاح في الانتخابات القادمة، ولا سيما أن المستوى العسكري والأمني استكمل تجهيزاته، ويجري مناوراته التي تحاكي حربًا حقيقية على أكثر من جبهة، ولا يعترض على شن عدوان ضد غزة.
فهل سيشكل يوم الأحد 29/5 بداية لتاريخ فلسطيني جديد؟ لن يطول الانتظار.
ملحوظة:
في أي المدارس العسكرية تربى هؤلاء الفتية الذين يستعدون لرجم تل أبيب بالصواريخ؟
أعرف بعضهم، لم يخرج طوال حياته من قطاع غزة!
فكيف استطاعوا هزيمة جيشٍ هزم جيوشًا؟
ما دينهم؟ ما عقيدتهم القتالية؟ بماذا تنبض قلوبهم؟ وأين ترفرف أرواحهم؟
وكيف استطاع هؤلاء الفتية أن يصيروا بوصلة الشروق، وقمر المغيب، رغم الحصار؟