ضمن تغوله على السلطة القضائية والتشريعية، وفي ظل تعطيله للمجلس التشريعي، ذهب رئيس السلطة محمود عباس إلى إصدار قرار بقانون يقضي بمضاعفة رسوم المحاكمة الإدارية.
ويهدف القرار بقانون الذي أصدره عباس أول من أمس إلى عرقلة وصول المواطنين إلى القضاء، خاصة أمام المحاكم الإدارية التي يذهبون إليها والنقابات لمواجهة تغول السلطة.
وبحسب القرار بقانون الجديد، تبلغ قيمة الرسوم للطعون الخاصة بالانتخابات 200 دينار أردني، وللطعون بإلغاء اللوائح أو الأنظمة أو القرارات الإدارية النهائية الصادرة عن أشخاص القانون العام عدا المتعلقة بالوظيفة العمومية بما في ذلك النقابات المهنية ومؤسسات التعليم العالي والاتحادات 200 دينار أردني، أما رسوم الطعون بالقرارات الإدارية المتعلقة بالوظيفة العمومية فتبلغ بحسب القرار 50 دينارًا أردنيًّا.
وينضم القرار بقانون الأخير إلى جملة قرارات أصدرها عباس في المرحلة السابقة، في تجاهل واضح للفصائل الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني التي تطالبه دائمًا بوقف إصدار قرارات بقانون بشكل منفرد وغير قانوني، خاصة أنها تمس استقلالية عملها، وتزيد تغول السلطة التنفيذية عليها والتدخل في جميع قراراتها.
وأصدر عباس في المدة الأخيرة رزمة قرارات بقانون كان أبرزها الذي يمس استقلالية القضاء، والجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية والنقابات والاتحادات المختلفة.
ويؤكد عضو مجلس نقابة المحامين السابق داود درعاوي أن القرار بقانون رقم 22 لسنة 2022 القاضي بمضاعفة رسوم المحاكم الإدارية يهدف بشكل واضح إلى عرقلة وصول المواطنين إلى العدالة الناجزة، ومنعهم من ذهابهم إلى المحاكم بالقضايا العامة، ومنع مواجهتهم السلطة والدولة.
ويقول درعاوي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الأصل أن يكون التقاضي مجانًا للمواطنين مع تأمين كل السبل لوصولهم إلى العدالة، وعدم وضع رسوم مرهقة عليهم كالقرار بقانون الأخير الذي وضع رسوم تصل إلى 2000 دينار.
ويوضح أنه من المفترض عدم فرض أي رسوم إلا بقدر بسيط، وذلك لتأمين حق المواطن في مواجهة السلطات العامة بالتقاضي للوصول إلى العدالة الناجزة، إضافة إلى أن القرار بقانون الأخير لم تكُن به مذكرة إضافية تبرر الأسباب الداعية لإصداره.
ويشير إلى أن القرار بقانون الأخير يعني إحالة التشريع إلى السلطة التنفيذية، ويأتي في سياق حالة التغول على المجلس التشريعي من السلطة التنفيذية، إضافة إلى أنه لم يراعِ الحالة والواقع الفلسطيني.
وبين أن القرار بقانون الصادر من رئيس السلطة يحمل مخالفات دستورية جسيمة فيما يتعلق بإحالة التقدير في فرض الرسوم إلى رئيس المحكمة الإدارية، لافتًا إلى أن القرارات بقانون التي يصدرها عباس يتم شطب مقولة عرضها على المجلس التشريعي، وهو ما يعني أن البلاد دخلت في مرحلة الحكم الشمولي.
من جانبه، أكد الناشط الحقوقي فريد الأطرش، أن المحاكم الإدارية تنظر في القضايا التي يرفعها المواطنون والنقابات ضد السلطة، وأن مضاعفة رسوم تلك القضايا يهدف إلى الحد من التقاضي أمام تلك المحاكم.
ويقول الأطرش في حديثه لـ"فلسطين": إن القرار بقانون الأخير الذي يعد من الأساس مخالفًا للقانون الأساسي، يفرض رسومًا باهظة على تكاليف التوجه للمحاكم الإدارية، وهو ما يعوق وصول المواطنين إلى القضاء، ما يجبرهم على الذهاب إلى وسائل أخرى.
ويضيف أن الأصل أن يكون الوصول للعدالة متاحًا للجميع، خاصة أن من يلجأ إلى القضاء هم المظلومون، مبينًا أن التوجه للمحاكم الإدارية يكون ضد أحكام تعسفية صادرة عن السلطة وأصحاب القرار.
ويشير إلى أن إصدار القرار بقانون الأخير يأتي ضمن الفوضى التشريعية الحالية، خاصة في ظل تعطيل عباس المجلس التشريعي، حيث إن القانون ينص على أن إصدار تلك القرارات يكون وقت توقف المجلس عن الانعقاد وليس تعطله.