لعلها مشاعر مختلطة تسيطر على المقدسيين ما بين غصة وقهر على الحال الذي آل إليه المسجد الأقصى، وأخرى تحمل الشوق والترقب للصلاة فيه، والدخول من أبوابه فاتحين مكبرين، وذلك بعد الأحداث الأخيرة القائمة في مدينة القدس، وبالتحديد في المسجد الأقصى..
شوقٌ وإصرار
المقدسية رائدة سعيد بقلب متفطر شوقًا وألمًا على الأقصى، فهي لا تتوانى للحظة عن تلبية نداء إغاثته، لحمايته والتصدي لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي، قالت في حديث مع "فلسطين": "أتوجه إلى أبواب المسجد الأقصى الواحد تلو الآخر، أنظر إليها وهي مغلقة في وجه مصليه، وأشعر حينها بنار تُضرم في قلبي إزاء ما يتعرض له، وأصبح حينها على وشك الاستسلام للضعف لاشتياقي للمسرى فأدخله، فأتقدم خطوة، لكن سرعان ما أتراجع خطوتين، وفي النهاية أتخذ قرار حمايته، ليمسي أفضل مما كان عليه، فأمتنع عن دخوله عبر البوابات الإلكترونية".
تقف "رائدة" مع مجموعة من النساء عند أحد أبواب الأقصى مكبرين في وجه الجنود، ذوي الأسلحة المُشهرة في وجوه المقدسيين، وحناجرهن تعلو بالدعاء لربهن بأن يرد كيد المعتدين عن بلاد المسلمين وعن المسجد الأقصى، ويحفظ الأقصى ومن فيه.
يطول انتظار النسوة لساعات عدّة عند أحد الأبواب، تحت أشعة الشمس الحارقة، على أمل الدخول للمسجد للصلاة فيه، لكن في النهاية تتم الصلاة عند الباب، لرفض المرابطين هناك دخول الأقصى عبر البوابات الإلكترونية.
وأوضحت: "نعمل على شد الهمة، وخاصة بعد سماع المرابطات خبر اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، وأناشد المتواجدين بألا يهزهم ذلك، وألا يشعروا بالندم لقرارهم بعدم دخوله، إذ لا مكان للضعف، دقيقة مهمة الآن، وأؤكد لهم أننا نحتاج إلى الهمم العالية والإصرار على الموقف الجماعي الموحد".
وفي ذات الوقت، تشعر بأسف على أمتها التي لم يحركها مسرى المصطفى، وتتساءل عن موقف المسلمين أمام رب العالمين؟ مبينة: "نحن بحاجة إلى أمة تغار على الإسلام والمقدسات، نتألم من حال الأقصى وإفراغه من مصليه"
وتوضح: "حاليًا الوضع أسوأ مما كان عليه بفعل الإغلاق المفروض عليه، والواقع الذي يسعى الاحتلال لفرضه عبر البوابات، ولكن القدس تتأمل خيرًا رغم ما تمر به".
غصة في القلب
أما المقدسي أبو خالد عباسي، فقال: "ما يحدث في القدس مخطط مدروس من قبل، وليس جديدا، فقط أخرجه الاحتلال الإسرائيلي إلى حيز التنفيذ ففي الوقت المناسب، حيث التخاذل العربي الحالي، فأهل القدس يواجهون ما هو أخطر من الحرب، وهو ملاحقتهم في كل شيء، سواء كان ماديًا أو معنويًا، وبشراسة".
وبلسان متثاقل من الألم والحزن على حال الأقصى، فأضاف لـ"فلسطين": "كم من السهل الحديث عن الأقصى وهو فارغ من المسلمين والمصلين، ولكن الأقصى صمد دوما، واليوم يضيّعه المسلمون بسكوتهم على ما يتعرض له من اقتحامات وفرض واقع جديد، وبقبولهم بهذا الواقع".
وأوضح عباسي: الأقصى حزين، فلا أحد في ساحاته سوى المستوطنين، يمارسون طقوسهم التلمودية براحة تامة"، لافتا إلى أن أكثر ما يؤلمه ويشعره بغصة في قلبه أنه مبعد عن المسجد بأمر من محكمة الاحتلال الإسرائيلي منذ عامين، وبالتالي ليس بيده سوى الدعاء والصلاة عند بوابات الأقصى".
وأشار إلى أن الحراك الشعبي على بوابات الأقصى غير كافٍ، خاصة في ظل ضخامة القوة العسكرية الاسرائيلية، مبينا: "أكثر ما يخيفنا حالة الصمت العربي، فلم تسجل الدول العربية موقفا يشهد لها اتجاه هذه القضية".
وقال عباسي: "لن نمر عبر البوابات الإلكترونية، حتى إن حُرمنا من الصلاة بالأقصى، فنحن نأتي شامخي الرؤوس، وعند مدخل بيت الله نُذل، فهي بوابات إذلال للمصلين المسلمين!".
ووجه رسالته للمقدسيين: "لا تفكروا بالدخول من البوابات الإلكترونية، إنما هي خديعة من الاحتلال لإحكام السيطرة على المسجد الأقصى، حتى الأموات والشهداء سنصلي عليهم عند البوابات الخارجية".