من المعلوم أن دولة الاحتلال قد اتخذت قرارًا ذاتيًّا بضم القدس الشرقية، وإقامة القدس الكبرى، وهذا يجري بحسب مخطط صهيوني يستهدف تهويد مدينة القدس، وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، سواء عن طريق طرد النشطاء في المدينة إلى الضفة، أو من خلال سحب الهويات، لا سيما من الذين يغادرون المدينة للدراسة في الخارج، ولا يمكن لكاتب مقال أن يتتبع إجراءات دولة الاحتلال لتفريغ المدينة المقدسة من سكانها العرب الفلسطينيين.
وفي المقابل تشجع حكومة الاحتلال الاستيطان في القدس، وفي المستوطنات التي تراها امتدادا لهذه المدينة المقدسة، فيما يعرف بالقدس الكبرى. سياسة دولة الاحتلال تقوم على قاعدة (القضم والهضم التدريجي)، واعتقد أن المدينة فقدت عددا كبيرا من سكانها العرب على مدى السنوات الماضية.
ثمة احتجاجات فلسطينية رسمية وشعبية ضد سياسة الاحتلال في القدس، ولكن حكومة الاحتلال لا تلتفت لهذه الاحتجاجات باعتبار أن المدينة لا تقبل القسمة، وهناك إجراءات في الكنيست لسن قانون يمنع تقسيم القدس.
إنك إذا ربطت بين سياسة تفريغ المدينة من سكانها العرب مع ما جرى مؤخرا من تركيب بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى تجد أن هذه البوابات الإلكترونية ستعمل من خلال التعقيدات الإجرائية التدريجية على تفريغ المسجد الأقصى من أكبر عدد ممكن من المصلين، إضافة إلى أن عمل الاحتلال في ذاته هو اعتداء سافر على قبلة المسلمين الأولى .
في الحديث الشريف لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، منها المسجد الأقصى، أي أن الحديث يحث المسلمين على زيارة الأقصى والصلاة فيه، فكيف يمكن للمسلمين القيام بموجبات الحديث الشريف والبوابات الإلكترونية تعيقهم، وتمنعهم من حرية العبادة.
حكومة الاحتلال تستثمر قتل الشرطيين على بوابات المسجد الأقصى فتضع كل المصلين في خانة الاتهام والشبهة، ووجوب التفتيش وهذا نوع من العقاب الجماعي، يستهدف كما قلنا آنفًا تفريغ المسجد الأقصى من أكبر عدد ممكن من المصلين، لهذا وربما لغيره كانت احتجاجات الفلسطينيين الرافضة للبوابات الإلكترونية، فهي تتجاوز قصة الضبط الأمني إلى ما هو أبعد من ذلك من أهداف سياسية، لذا نأمل أن يتحرك الأردن ومصر من أجل الضغط برفع هذه البوابات.
وعلى السلطة أن تتحرك من خلال علاقاتها الدولية لإزالة هذه البوابات. بالمناسبة يجدر بالسلطة وبقادة البلاد العربية العمل معًا لتثبيت سكان القدس من العرب في أماكنهم، ومكافحة كل الإجراءات الاحتلالية التي تستهدف التهويد أو التفريغ. هذا وقد أعلنت المرجعيات الدينية والوطنية في القدس في اجتماع طارئ لها يوم الجمعة، عدم الدخول عبر البوابات الإلكترونية نهائياً وذلك للصلاة في المسجد الأقصى.