قال نقابيون مختصون في قضايا العمال واقتصاديون: إن اشتراط سلطات الاحتلال تحويل أجور العمال الفلسطينيين العاملين في الداخل المحتل عبر البنوك، الهدف الرئيسي منه هو الرقابة على التدفقات النقدية إلى المناطق الفلسطينية، وقياس حجم تأثيرها على السوق المحلي، معبرين عن تخوفهم في الوقت نفسه من أن تتعرض حقوق العمال المالية لابتزازات سياسية إسرائيلية كما يحدث في أموال المقاصة.
وأكد المتحدثون ضرورة أن تلتزم سلطات الاحتلال إعطاء العمال الفلسطينيين حقوقهم المشروعة من أجور كاملة وتأمينات وإجازات مرضية وإصابات عمل، مشيرين إلى أن الاحتلال يحتجز 16 مليار دولار من أموال العمال منذ عام 1970.
ووضعت سُلطات الاحتلال الإسرائيلي أمام المشغلين الإسرائيليين، أغسطس المقبل، سقفًا زمنيًا للانتهاء من تسليم رواتب وأجور العمال الفلسطينيين في الداخل المحتل نقدًا والاستعاضة عن ذلك بتحويلها عبر المصارف.
وتدعي سلطات الاحتلال أن الهدف من اشتراطها الحفاظ على حقوق العامل الفلسطيني، ووضع حد لسماسرة التصاريح على حد زعمها.
وأوضح عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابة عمال فلسطين، د. سلامة أبو زعيتر أن تخوفًا لدى كثير من العمال أن تصبح أموالهم المحولة عبر المصارف معرضة للحجز أو الاقتطاع تحت أي ظروف سياسية قد تطرأ.
وأضاف أبو زعيتر لصحيفة "فلسطين" أن الجانب الإيجابي في تحويل الأموال عبر البنوك، حماية أموال العامل من الضياع والسرقة خاصة وأن العامل الفلسطيني يقطع مسافات في أثناء عودته من العمل إلى منزله.
كما يرى أبو زعيتر أن تحويل أموال العمال عبر المصارف، إثبات حق للعامل الفلسطيني، إذا ما تعرض لعملية تحايل من مشغله الإسرائيلي.
وتساءل في الوقت ذاته عن كيفية التعامل مع عمال المياومة الفلسطينيين غير المقيدين بجهة مشغلة واحدة في الداخل المحتل.
وفي السياق شدد أبو زعيتر على أن العمال في الداخل المحتل بحاجة إلى متابعة السلطات الرسمية الفلسطينية والنقابية لفضح ما يتعرضون له من انتهاكات، خاصة العمال غير الحاصلين على تصاريح عمل رسمية، "فهم ينقصهم الحقوق المالية والتأمينات الصحية، ويتعرضون لابتزاز سماسرة ووسطاء التصاريح".
بدوره يرى الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن المصارف المحلية لا شك أنها ستستفيد من القرار الإسرائيلي، في تحصيل أموال على الحوالات المالية بين العامل والمشغل الإسرائيلي، ومن جراء فتح حسابات مصرفية جديدة.
وأشار دراغمة في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن إرغام العمال الفلسطينيين على تحويل أموالهم عبر البنوك، سيُسبب حرجًا للشركات الفلسطينية العاملة في الداخل المحتل، حيث ستكون تلك الشركات ملزمةً الكشف عن حجم أموالها التي تتقاضاها عن مشاريعها في الداخل، ما قد يدفع السلطات الفلسطينية إلى الطلب منها دفع ضرائب.
"ومع ذلك فإن الحوالات عبر البنوك تفيد وزارة العمل في وقت لاحق في حصر أعداد العاملين الرسميين في الداخل المحتل، ويكون ذلك مقدمة للنظر في قانون الضمان الاجتماعي المختلف عليه" يقول دراغمة.
وأشار دراغمة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحتجز منذ عام 1970 نحو 16 مليار دولار، وهي أموال عمال من الضفة الغربية وقطاع غزة كانوا يعملون في الداخل المحتل، يرفض الاحتلال تسليمها.
وكان محافظ سلطة النقد فراس ملحم توقع في وقت سابق، أن تُحوَّل رواتب العمال الفلسطينيين في الداخل عبر البنوك الفلسطينية قبل نهاية العام الجاري.
وقال ملحم: إن هذا الأمر لن يترتب عليه أي تكاليف أو ضرائب إضافية، مشيرًا إلى أن الخطوة "في صالح العمال ولفائدتهم، حيث تضمن عدم تلاعب أرباب العمل الإسرائيليين بمستحقاتهم، إضافة إلى إتاحة الفرصة لهؤلاء العمال للاستفادة من الخدمات المصرفية، لافتًا إلى أن الخطوة ستساهم في الحد من مشكلة تراكم الشيقل في السوق الفلسطينية.
وبين ملحم أن العمال الفلسطينيين يضخون نحو (18) مليار شيقل في السوق المحلي، بما يفوق الحصة المتفق عليها لإعادة الشيقل إلى البنوك الإسرائيلية (13 مليارًا).