نظّم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الخميس، حفل تأبين لشهيدة الحقيقة الزميلة الصحفية مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
وحضر الحفل الذي عُقد في فندق الكومودور غرب مدينة غزة، لفيفٌ من الصحفيين والإعلاميين والكتّاب وممثلين عن القوى الوطنية والإسلامية، وطاقم مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة.
واستشهدت الزميلة أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر 11 مايو الجاري أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
مسابقة الوفاء لأبوعاقلة
وقال المكتب الإعلامي الحكومي، سلامة معروف، في كلمة له خلال الحفل: "إن الزميلة شيرين أبو عاقلة كتب بدمها المسفوح على أعتاب جنين مشهد الإيذان بزوال الاحتلال".
وأضاف معروف: "أن استشهاد أبو عاقلة لم يكن يوما عاديا يمر على فلسطين، ولم يكن لشيرين بعد حياتها المهنية الصاخبة بالشهادات المؤلمة أن ترحل بصمت، وقد فجّر اغتيالها براكين من اللعنات وجبال من الغضب في وجه المحتل ستبقى تطارده حتى بعد زواله عن أرضنا".
وأشار إلى أن الزميلة أبو عاقلة ارتقت ضحية لمحتل غادر اختارها هدفا مع سبق الإصرار والترصد ليسجل دليلا دامغا على انتهاكه للأعراف الدولية الخاصة بحماية الصحفيين، وضربه بعرضه الحائط حقوق الإنسان".
وذكر أن سلوك المجتمع الدولي في عدم محاسبة الاحتلال دفعه للتمادي في جرائمه المرتكبة ضد شعبنا وبحق الصحفيين، معربًا عن أمله أن يشكل اغتيال أبو عاقلة استثناءً لسلوك المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين عن قتلها.
وقال أبو معروف: "إن الاحتلال ظن باغتياله شيرين أن يزرع الخوف في قلوب الصحفيين، وتناسى أن هذه الجريمة لم تكن الأولى وهي صفحة جديدة من جرائمه ولا يمكن عزلها عن سلوكه وسياساته الواضحة والممنهجة ضد وسائل الإعلام التي جعلها هدفا له".
وأوضح أن تزامن جريمة اغتيال أبو عاقلة وإصابة الصحفي علي السمودي مع الذكرى الأولى لقصف الاحتلال للمقرات والمؤسسات الإعلامية بالعدوان الأخير على غزة لم تكن مصادفة.
وطالب معروف، المجتمع الدولي للتخلي عن ازدواجية التعامل مع دماء الأبرياء، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا، داعيًا في الوقت ذاته مؤسسات حقوق الإنسان لإجبار الاحتلال على وقف انتهاك المواثيق والأعراف الدولية.
وأعلن عن إطلاق مسابقة باسم الإعلامية الراحلة شيرين أبو عاقلة، مشيرًا إلى أنه سيتم توزيع جوائزها ضمن فعاليات احتفال يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني الذي يصادف في 31 من شهر ديسمبر من كل عام.
حملت نعشها القلوب
من جهته، قال مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح خلال كلمته: "إن الزميلة شيرين رحلت ولكنها حُمّلت على أكتاف الألوف في مسقط رأسها في القدس، والأهم من ذلك أنها حملت في قلوب وعقول الملايين في القدس والضفة وغزة والخارج بل في كل العالم".
وتابع: "أن إرث شيرين ما زال موجودا، وأضحت صورة للصحفية المقاتلة حتى الرمق الأخير، تتداولها كل شاشات التلفزة ووسائل الإعلام الأخرى".
وذكر أن مشهد اغتيال الاحتلال للزميلة شيرين كان بمثابة محاكمة علنية لجنود الاحتلال، وحينما تم تشييعها كان إدانة لدولة استنفرت في مواجهة تابوت وعلم.
وأكد الدحدوح، أن استشهاد شيرين خسارة كبيرة للحركة الإعلامية الفلسطينية، لكنها تركت إرثا عظيما وأرباحا كبيرة برحيلها.
ودعا لتقديم الجناة المسؤولين عن جريمة اغتيال الزميلة شيرين إلى المحاكمة، مطالبًا بنقل ملفها لكل جهة اختصاص حتى لا يفلت الجاني من العقاب، وحتى لا يسقط زملاء جدد برصاص الاحتلال.
وأعرب الدحدوح، عن شكره للمكتب الإعلامي الحكومي على تنظيم هذه الفعالية تخليدًا لروح أيقونة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
عاشقة للقضية
بدوره، قال ممثل عن القوى الوطنية والإسلامية وجيه أبو ظريفة في كلمته خلال الحفل، إن "الإعلامية أبو عاقلة هي شهيدة الحق والواجب المهني والوطني والعالم الحر، وأحيت باستشهادها ضمائر كانت قد ماتت، وقلوب بكت بآلام في فلسطين وخارجها".
وأضاف أبو ظريفة: "أن أبو عاقلة لم تكن مجرد صحفية، بكل كانت عاشقة للقضية ومنتمية للشعب ومحبة للوطن ومؤمنة برسالتها وبمهنيتها".
وتابع: "أن شيرين هي ابنة القدس وأيقونتها وابنة فلسطين وعروستها، انغرست في أرض فلسطين إلى جانب شهداء الوطن والحقيقة الذين سبقوها".
وأكد أبو ظريفة، أن استشهاد شيرين جريمة مكتملة الأركان تتطلب عقابا واضحا للقتلة من جنود الاحتلال ومن أعطى الأمر من المسؤولين العسكريين والسياسيين بدولة الاحتلال.
وبين أن اغتيال شيرين برصاص قناص إسرائيلي هي جريمة إعدام واضحة واستهداف بشكل مباشر، داعيا جميع الأطراف المعنية للقيام بواجبهم لمحاسبة الاحتلال على جريمته.
ودعا أبو ظريفة، وسائل الإعلام العربية وفي مقدمتها قناة الجزيرة إلى مقاطعة الاحتلال بشكل قاطع ونهائي، ومنع ظهور أي من مسؤوليه عبر شاشاتها لمنع نشر دعايته العنصرية وسياساته المسمومة.
وأكد أن قصور إجراءات المجتمع الدولي، والصمت عليها تمثل دعوة للاحتلال الإسرائيلي للاستمرار في سياسة القتل والتدمير والتهويد ضد شعبنا.
نبض الحقيقة
بدوره، قال الصحفي توفيق السيد سليم في كلمة له ممثلا عن الإعلاميين، إن "الزميلة أبو عاقلة كانت نبض الحقيقة وصوتها الهادر رغم أزيز رصاص القتلة والمجرمين وأعداء الإنسانية".
وتابع: "أن جريمة قتل شيرين ومن قبلها العشرات من الصحفيين جاءت لتؤكد المؤكد أن دولة الاحتلال القائمة على الكذب والتزوير لديها مشكلة جوهرية مع الحقيقة، فهي بالنسبة لها خطر وجودي على كينونتها كمشروع استعماري احتلالي في المنطقة العربية والإسلامية".
وطالب سليم، السلطة الفلسطينية وكل المؤسسات الدولية المعنية بضرورة التحرك الجاد من أجل ملاحقة قادة الاحتلال وتقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية.
ورأى أن تمادى الاحتلال في استهداف الاحتلال ومؤسسات الإعلامية ما كان ليصل لهذه الدرجة من التوغل والإجرام إلا لإفلاته المتكرر من العقاب في ظل سياسة ازدواجية المعايير التي ينتهجها العالم.
ودعا سليم، لرفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال وفي مقدمتها التطبيع الإعلامي باعتباره أخطر أشكال التطبيع الذي يستهدف النيل من الوعي العربي والإسلامية، داعيا قناة الجزيرة لمقاطعة استضافة المسؤولين الإسرائيليين على شاشتها.
وتخلل الحفل، عرض مقطعين مرئيين، تناول الأول سيرة الزميلة أبو عاقلة، ومحطاتها المهنية، ودورها في فضح جرائم الاحتلال خلال أداء واجبها المهني، والثاني سيرة الصحفيين الذين استشهدوا برصاص الاحتلال منذ عام 2000، وقصيدة شعرية ألقتها الشاعرة أمل أبو عاصي رثاءً لها.
وفي ختام الحفل، قدّم المكتب الإعلامي الحكومي هدية تذكارية لروح الشهيدة شيرين أبو عاقلة تسلمها طاقم مكتب الجزيرة بغزة نيابة عن أسرتها.