رغم رفع حركة "فتح" شعار (9/9) بالحصول على جميع مقاعد مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين في الضفة الغربية، لكنّ المعارضة المكونة من (ائتلاف الإسلاميين واليسار ومرشح مستقل دعمه التيار الإصلاحي في حركة فتح) تمكنوا من انتزاع أربعة مقاعد في مجلس النقابة لأول مرة منذ تأسيس النقابة.
حصلت قائمة "فتح" على 5 مقاعد وكانت قريبة من فقدان المقعد السادس بفارق 70 صوتًا، ليكون الفوز، بحسب محامين، "بطعم الهزيمة"؛ كون وجود أربعة مقاعد سيؤثر على سياسة النقابة وتعزيز الرقابة والمحاسبة.
وتنافَس خلال الانتخابات ٢٢ مرشّحًا، ضمن ثلاث قوائم انتخابية، وهي قائمة الشهيد "ياسر عرفات" الخاصة في حركة "فتح"، وقائمة "المستقبل" التابعة للتيار الإصلاحي الديمقراطي بالإضافة إلى "قائمة فلسطين" التي تتكون من ائتلاف يضمُّ كلًّا من حركتَي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ولا يمثل فوز "فتح" بأحد عشر مقعدًا على مستوى الضفة وغزة من أصل خمسة عشر مقعدًا شيئًا مقابل خسارتها أربعة مقاعد، وفق محامين، فقد دأبت الحركة على السيطرة على النقابة، خاصة أنّ الظروف الموضوعية لمهنة المحاماة تسمح لـ"فتح" بالفوز فيها مع الأخذ بعين الاعتبار بأنّ أعلى نسبة فوز حقّقها أحد مرشحي حركة فتح بلغت 48 % من الأصوات.
نتيجة تاريخية
واعتبر المحامي أحمد أبو فخيدة، حصول التحالف مع المستقلين على أربعة مقاعد، "نتيجة تاريخية لم تتحقّق طوال تاريخ النقابة"، معتقدًا أنّ النتيجة "قصمت ظهر فتح بنقابة المحامين".
وقال أبو فخيدة لصحيفة "فلسطين": إنّ الإنجاز الذي حقّقه الائتلاف النقابي كان نتيجة عمل دؤوب وتحالف قوي ونتاج تغيير في عقلية المحامين، "ولو كان نظام الانتخابات بنظام القوائم لكان الوضع أفضل لصالح الائتلاف".
ووصف النتيجة في انتخابات النقابة بالضفة بأنه "اختراق غير مسبوق" يُعوّل عليه المحامون في تحقيق تقدم في عمل مجلس النقابة، مؤكدًا "أنّ مقعدًا واحدًا كان يحقق الكثير، وأربعة مقاعد تستطيع فعل الكثير في ظل غياب المجلس التشريعي وتغوُّل السلطة التنفيذية على القضائية".
هذا الاختراق، وِفق أبو فخيدة، سيعمل على كبح جماح السلطة التنفيذية وسينعش حالة الحقوق والحريات، وسيواجهون بشكل قوي القرارات بقانون التي يُصدرها رئيس السلطة محمود عباس، عدا عن مسألة إنهاء الانقسام والضغط لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أُلغيت في مايو/ أيار 2021.
ولفت إلى أنّ مُحامي الائتلاف الثلاثة داوود درعاوي ولؤي أبو جبر وراوية أبو زهري إضافة للمرشح الرابع المستقل محمد الهريني والذي دعمه التيار الإصلاحي لحركة "فتح" هم "من أقوى وأكثر المحامين قدرة وعلمًا وفهمًا للواقع ولديهم برنامج وطني".
وأشار أبو فخيدة إلى أنه على مدار انتخابات نقابة المحامين لم تتأخر منذ تأسيسها، إلا أنّ هذه المرة "تأخرت لمدة عام بسبب مرسوم عباس بخصوص تأخير انتخابات النقابات لمدة ستة أشهر بسبب الانتخابات التشريعية والرئاسية التي لم تُجرَ".
"فوضى أثناء التصويت"
فارس أبو الحسن أحد مرشحي الائتلاف، أشار إلى وجود فوضى في بعض المراكز خاصة في مدن الخليل ورام الله ونابلس أثناء عملية التصويت، تمثّلت في عدم تنظيم عملية التصويت ما دفع بعض المحامين للانسحاب من المراكز وعدم التصويت.
ويعتقد أبو الحسن في حديثه لصحيفة "فلسطين" أنّ فوز "فتح" هو "بطعم الهزيمة .. رفعوا شعارًا (9/9) أي أنهم يريدون المقاعد التسعة ولم يقبلوا بأن ينافسهم أحد على مقعدٍ واحد، وكانت النتيجة بالنسبة لهم غير مرضية".
وعن تأثير حصول الائتلاف والمستقلين على أربعة مقاعد، قال إنّ "من يهيمن على النقابة يتصرف بلا حسيب أو رقيب .. الآن وبوجود معارضة فإنّ ذلك سيؤثر على الأداء وتزيد عملية الرقابة المهنية والمحاسبة، والاطّلاع على أداء المجلس في المسائل المختلفة، بالتالي التأثير على توجيه سياسة مجلس النقابة بأن لا تُنفّذ أجندة سياسية".
ورغم فوز "فتح" بالمقاعد الستة لنقابة المحامين في غزة، إلا أنّ مصدرًا خاصًّا من داخل النقابة أوضح لصحيفة "فلسطين" أنه سبق الانتخابات اجتماع للهيئة العمومية لإقرار التقارير المالية والإدارية ومن ضمنها التقرير المالي والإداري من 2018 – 2021.
وذكر المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ هذه التقارير تم رفضها من قبل الهيئة العامة وجرى تكليف لجنة لعدّ أصوات المؤيدين والمعارضين، إلا أنّ مجلس النقابة تجاوز صلاحيات اللجنة وأعلن إقرار التقارير المالية والإدارية للأعوام الأربعة ما جعل اللجنة تُصدر بيان اعتراض على ذلك.
وقال: رغم الاعتراض استمر مجلس النقابة في إجراء الانتخابات، مُجدِّدًا أنّ تلك التقارير يشوبها الغموض وبالتالي "الانتخابات يشوبها العيب والقصور".
وأصدرت اللجنة المُكلّفة بعد أصوات المؤيدين والمعارضين للتقارير المالية والإدارية لنقابة المحامين بيانًا، أعلنت فيه عدم قانونية وبُطلان إقرار التقارير الإدارية والمالية وما يترتّب على ذلك من نتائج.
وقال البيان الذي صدر عن اللجنة والمُكوّنة من المحامين، أديب الربعي، محمد ياسين، سعدي عطا الله، زكريا بهار، علاء الفرا، إنّ اللجنة اجتمعت لفرز أصوات المؤيّدين والمعارضين يوم 14 مايو/ أيار 2022، وأثناء عدّ الأصوات قام مجموعة من المحامين بأعمال شغب وغوغاء قاصدين تعطيل عملية عدّ الأصوات.
وأضاف البيان "أثناء محاولتنا إعادة الهدوء فوجئنا بقيام أمين سر النقابة بإقرار التقارير الإدارية والمالية عن السنوات الأربع الماضية".