ما تزال جريمة الاعتداء على جنازة الصحفية شيرين أبو عاقلة تتفاعل في الأوساط الدولية والمؤسسات الحقوقية. جل دول أوروبا نددت بجريمة الاعتداء وضرب الشرطة للمشيعين بالهراوات، وطالب البيت الأبيض وحكومات غربية بتحقيق عاجل ومحاسبة المعتدين.
صور الفيديو الذي يوثق جريمة الاعتداء البشعة، وهي جريمة لا تقوم بها شرطة واثقة بنفسها، ولكن يمكن أن تقوم بها شرطة مسكونة بكراهية لا متناهية الحجم ضد الفلسطينيين وضد الصحفيين. صور الفيديو هذه نجحت في توظيف الرأي العام الدولي ضد دولة الاحتلال أكثر مما قامت به خارجية السلطة، إذ ترددت السلطة في توظيف الجريمة لأسباب تعلمها هي ولا يعلمها المواطن الفلسطيني!
من المعلوم أن الإدانات الغربية للجريمة جاءت بدوافع إنسانية، وحق الميت بأن يدفن بكرامة، لأن الأموات لا يمثلون خطرًا يمكن التستر وراءه، ولم تكن هذه الإدانات ذات أبعاد سياسية، ولم تربط بين الجريمة والأسباب السياسية التي أوجدت جريمتي القتل ثم الاعتداء على الجنازة، وهنا كنا نأمل أن يأتي دور السلطة وخارجيتها، إذ إن الوجه السياسي للجريمة حاضر شاهد، فلو لم يكن ثمة احتلال واجتياح لم تقع الجريمة بشقيها: القتل ثم العدوان على النعش!
في دولة الاحتلال كان ثمة حضور لهذا الوجه السياسي، فجلّ الصحف العبرية التي تناولت الجريمة ذهبت لتداعياتها على المستوى السياسي على دولة الاحتلال، ووصفت الشرطة بالغباء، إذ ربطت بين الجريمة والأزمات السياسية المحتملة مع بعض الدول الغربية التي استنكرت الحدث وطالبت بالتحقيق، بل إن المحللين ذهبوا إلى أن الكسب الذي حققته (إسرائيل) دوليًّا بعد العمليات الفدائية الفردية الأخيرة في تل أبيب خسرته بسرعة في صورة واحدة، هي صورة الاعتداء على نعش شيرين أبو عاقلة!
هذه الصحف قدمت جريمة الجنازة للإسرائيليين على أنها دليل على ضعف الأداء الشرطي، وضعف الثقة بالنفس، وعلى جبال الكراهية نحو الغير، وتساءلت ما الخطر الذي يمثله نعش ميت يرفع فيه المشيعون أعلامًا فلسطينية؟! إنه الغباء ليس إلا!
هذه الصورة الحية بمكوناتها كان يمكن للسلطة أن تستفيد منها وطنيا ودوليا في المستويات السياسية، والحقوقية، وأن تجعل منها نقطة ارتكاز جديدة لفضح المحتل، ومطالبة المجتمع الدولي بالعمل على إنهاء الاحتلال، وتحميل المحتل مسؤولية ردود الأفعال الفلسطينية التي قد تقع فرديًّا ضد عناصر الاحتلال. الفرصة قائمة، والوقت لم ينتهِ، ووصف ليبرلمان لعباس بأنه خطر على (إسرائيل) ويجدر بغانتس عدم الجلوس إليه، لا ينبغي له أن يؤثر فيما يجب أن نفعله.