فلسطين أون لاين

تقرير ما الذي تعرفه عن مسارات اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى؟

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة/ غزة–فاطمة الزهراء العويني:

نسمع يوميًّا عن اقتحامات يجريها المستوطنون الإسرائيليون للمسجد الأقصى المبارك وباحاته، لكن من أين يدخل المستوطنون للمسجد؟ وما الطقوس التي يقومون بها؟ وما الأهداف التي يسعون إليها من تلك الاقتحامات المتكررة؟

منذ الاقتحام الشهير لرئيس حكومة الاحتلال السابق أرئيل شارون للمسجد الأقصى عام 2000م بدأت الخطوات الأولى في انتهاك حرمة المسجد من المستوطنين، ثم اعتـمدتها رسمياً حكومة الاحتلال التي كان يرأسها شارون أيضاً في عام 2003م، لتأخذ الطابع اليومي منذ 2014م، وفق ما يبين رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي.

في البداية كان مسار الاقتحام قصيراً جداً، فيبدأ المستوطنون من باب المغاربة حتى باب السلسلة لمسافة تمتد لمئة متر، ويتجولون في ساحات المسجد الأقصى بالقرب من السور الغربي له ويستغرق الاقتحام قرابة الساعة ويستمعون لشروحات وصلوات تلمودية.

غير أن هذه الاقتحامات القصيرة لم تلبِّ مطامع المستوطنين في الأقصى فتم تطويرها لتجوب الأقصى بكامله وتستهدف بشكل أساسي المنطقة الشرقية منه.

يقول الهدمي لـ"فلسطين": "هذه المنطقة هي مرمى أطماع المستوطنين في الوقت الحالي كونها فارغة ليس فيها مصليات سوى باب الرحمة، وزاد استهدافها بعد أن نقل الاحتلال الإسرائيلي إليها أتربة من "المصلى المرواني".

ويلفت إلى أن الاحتلال عمل على تنخيل الأتربة التي نهبها من المصلى المرواني ونسب الآثار التي حصل عليها منها إلى فترة "الهيكل المزعوم" واستخدامها دليلاً مزعوماً على ملكيته لمنطقة المسجد الأقصى ووضعها في المنطقة الشرقية من الأقصى.

مسارات متعددة الأغراض 

ويمضي الهدمي إلى القول: "هم يحاولون منع المسلمين من الصلاة في الجزء الشرقي من المسجد بشكل تام، من خلال المسار الحالي للاقتحامات الذي يستغرق وقتاً أطول، ويجلسون خلاله للاستماع لـ"شروحات توراتية" حول المكان".

كل تلك الاقتحامات هدفها النهائي أن يجعل المستوطنون لأنفسهم موطئ قدم دائم داخل الأقصى وأن يقتطعوا جزءاً منه لطقوسهم التلمودية، ويرغبون تحديداً بامتلاك "مصلى باب الرحمة" وفي حال تمكنوا من ذلك سيمكنهم الدخول والخروج للأقصى دون الحاجة للمرور بساحات الأقصى والبلدة القديمة ما يجنبهم أي اشتباكات مع المسلمين، كما يبين الهدمي.

وإذ يلفت إلى أن صحن قبة الصخرة هو المكان الأقدس لليهود في الأقصى وفق معتقداتهم التوراتية، "فهم يدورون في اقتحاماتهم حول سطح الصخرة وتبقى أنظارهم موجهة إليه حتى يخرجوا من جهة باب السلسلة".

وعندما تحصل مواجهات بين المصلين والمقتحمين يبتعدون عن "المصلى القبلي" ويمرون من جهة الكأس "مكان الوضوء" في نفس الاتجاه، وفق الهدمي.

وتشير تقارير صحفية إلى وجود مسارات يعتمدها المستوطنون للهروب حال وجود اشتباكات مع الفلسطينيين فيه، وتمتاز بتقليل الوقوف وسرعة المشي وإلغاء المحاضرات الميدانية أو الصلوات الطويلة. 

وتقسم تلك مسارات الهروب تلك إلى درجتين: هروب درجة أولى، من باب السلسلة إلى باب المغاربة مباشرة بمحاذاة الرواق الغربي فقط، وهروب درجة ثانية وهو يشبه المسار المعتاد لكنه سريع متوجس، لا يقترب من أمام المصلى القبلي ولا يتخذ أي طريق فرعي، باستثناء التوقف قليلاً في المنطقة الشرقية.

الصهيونية الدينية

ويشار إلى أن هناك أكثر من 42 جماعة ومؤسسة صهيونية تعمل على اقتحام الأقصى، وتسعى لإعادة بناء الهيكل المزعوم، فكل مقتحمي الأقصى ينتمون إلى تيار الصهيونية الدينية لمؤسسها الحاخام أبراهام كوك.

والحركة الصهيونية الدينية هي تيار معارض للعلمانية الإسرائيلية، وتحولت وفق مركز الدراسات الإسرائيلية "مدار" إلى حزب سياسي باسم (همزراحي) عام 1902، واتخذ الحزب شعارا له (أرض إسرائيل لشعب إسرائيل بموجب شريعة إسرائيل)، وأيضاً شعار (التوراة والعمل)، أي الإيمان والعمل.

ويقول المركز إن من بين الآراء الأخرى التي يزعمونها وينادون بها: "أن اليهود أُمّة مميزة عن بقية الأُمم وذلك يعود إلى أن الله بنفسه أوجدها، فهي - الأمة اليهودية - تخص الله، وأن اتحاد الكيان اليهودي الحقيقي يكون فقط بتوجيه الفكر اليهودي نحو التوراة وفلسطين باعتبارهما ركنين مهمين للغاية في تاريخ وحياة الأُمة اليهودية".

وتوسع هذا التيار وازداد مريدوه من الحاخامات وأتباعهم الذين ينتمي غالبيتهم للتيار القومي الديني، مع تباينهم في درجة التدين، حتى أمسوا اليوم أكثر من 42 جماعة ومؤسسة تعمل على اقتحام الأقصى وتسعى لإعادة بناء الهيكل المزعوم.

وأولى الجماعات نشأة هي "أمناء جبل الهيكل" لمؤسسها جرشون سلمون، وجماعة "معهد الهيكل" لمؤسسها يسرائيل أرئيل، التي تعد المؤسسة الأم لجماعات الهيكل، وتواليها الجمعيتان الاستيطانيتان البارزتان "عطيرت كوهنيم" و"إلعاد".

ولاحقا نشأت جماعة "نساء لأجل الهيكل"، و"طلاب لأجل الهيكل" برئاسة توم نيساني، وجماعة "تراث جبل الهيكل"، كما أدى ائتلاف الجماعتين السابقتين إلى تأسيس جماعة "جبل الهيكل بأيدينا" (بيدينو).

وتترافق تلك الاقتحامات مع عملية تحول في سلوك شرطة الاحتلال في التعامل معها حيث كانت قبل عام 2000م تمنع اليهود من دخول الأقصى إلا بأوامر وتنسيقات محددة، لكن بعده شهد العكس مقابل تقييد دخول المصلين المسلمين إلى أقصى حد، وفتح المجال للاقتحامات خلال الأعياد اليهودية حتى لو تزامنت مع مناسبات إسلامية دينية كشهر رمضان.