أثارت تصريحات وزير العمل في حكومة الحمد الله مأمون أبو شهلا الكثير من التساؤلات حول الجهود الحكومية التي تبذل في سبيل تخفيف معدلات البطالة المتنامية؛ بعد أن قال إن عدد العاطلين عن العمل وصل إلى 361 ألف عاطل في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ معظمهم من الخريجين والشباب.
وحسب تقديرات للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد العاطلين في 2016 قدر بحوالي 361 ألف شخص، بواقع 154ألفاً في الضفة الغربية و207 آلاف في قطاع غزة.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن أي استراتيجيات تُوضع في ظل الحصار المفروض على القطاع فإنها لن تُجدي نفعاً في تخفيف البطالة بشكل فعال.
من جانبه, أوضح مدير عام الإدارة العامة للتشغيل في وزارة العمل بغزة، عبد الله كلاب؛ أن جميع الأزمات التي يمر بها قطاع غزة وعلى رأسها أزمة البطالة يمكن التخفيف من وطأتها بشكلٍ واضح من خلال رفع الحصار الإسرائيلي وحل أزمة الكهرباء.
وبين لصحيفة "فلسطين" أن معظم القطاعات الاقتصادية والمصانع ستعود للعمل وستزيد نسبة التشغيل فيما لو عاد التيار الكهربائي فترة زمنية أطول، متوقعاً أن ذلك سيخفف من نسبة البطالة بما لا يقل عن 10-15%.
وقال كلاب:" خطط القضاء على البطالة موجودة؛ ولكن تطبيقها على أرض الواقع أمرُ صعب في ظل وجود الحصار الإسرائيلي والذي يمنع وجود أي تسهيلات، في ظل أجواءٍ سياسية و اقتصادية وأمنية غير مريحة".
وأضاف :" الأوضاع ليست وردية في قطاع غزة ولكن حل مشكلة الكهرباء ولو بالنظام القديم الذي كان يوفر كهرباء لثماني ساعات كفيلٌ بأن يحدث حراكاً اقتصادياً ملحوظاً ".
ولفت إلى أن القطاع الحكومي ليس في مقدوره أن يستوعب سوى ألفي خريج؛ وكانت المراهنة تتم على القطاع الخاص والذي يعمل على تطوير الأنشطة الاقتصادية والتنموية وبالتالي استيعاب الأيدي العاملة والخريجين والمهنيين.
واستدرك كلاب:" لكن القطاع الخاص يعاني بشدة؛ والحصار والحروب الثلاث عملت على تدمير أجزاء كبيرة منها، حتى أن العديد من أصحاب رؤوس الأموال أصبحوا مُنضَمين إلى صفوف البطالة"، مؤكداً أنه من الصعب التحدث عن محاربة البطالة في ظل الظروف التي يمر بها قطاع غزة.
وأفاد أن كل البرامج التي تقوم بها وزارة العمل "جيدة" وتعمل على أكثر من جانب فهناك برامج التدريب المؤقت التي تهدف لتدريب وتأهيل الخريجين وسد الفجوة بين التعليم الأكاديمي وحاجة سوق العمل.
وذكر كلاب أن القطاع يعيش أزمة حقيقية فيما يخص البطالة حتى أصبح "صاحب العمل" يبحث عن فرصة للعمل في برامج التشغيل المؤقت وذلك بعد أن فقد قدرته على الاستمرار في عمله الأول.
وأكد أن مجمل البرامج التابعة للوزارة لن تأتي أكلها في ظل استمرار الحصار المُطبق على غزة، والذي اشتد كثيراً في الثلاثة شهور الماضية، مشيراً إلى أن كثيرا من مؤسسات NGOS أوقفت مساعداتها للبرامج الصغيرة وحاضنات الأعمال وبرامج التشغيل المؤقت؛ ما انعكس سلباً وزاد من نسب البطالة بشكل يومي.
وفي السياق نفسه، أوضح الخبير الاقتصادي معين رجب؛ أن أعداد العاطلين عن العمل في قطاع غزة تزيد عاماً بعد عام، دون أن يجد أي طرف حلا يعمل على التقليل منها أو التخفيف من آثارها الكارثية على مجمل نواحي الحياة في القطاع.
وقال لصحيفة "فلسطين": "يواجه القطاع أزمة كبيرة في البطالة خاصة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات والذين وصل عدد العاطلين منهم عن العمل إلى عشرات الآلاف"، لافتاً إلى أن حل مشكلة البطالة يحتاج إلى تضافر الجهود الحكومية والخاصة.
وأضاف رجب: "التخفيف من أزمة البطالة لا يأتي بمجرد الحديث عنها وعن آثارها؛ وإنما بوضع سياسات حكومية واضحة يتم تطبيقها بشكلٍ تدريجي على كافة القطاعات الاقتصادية وتحديد احتياجات سوق العمل ورغبات المتدربين والعمل على تأهيلهم".
وبين أن كل جهة حكومية وعلى رأسها وزارة العمل لديها مسؤولية تجاه العاطلين عن العمل وبالتالي يجب التنسيق فيما بينها لاستيعاب جزء منهم، لافتاً إلى أهمية دور القطاع الخاص في تشغيل الأعداد الكبيرة من الخريجين.
وشدد رجب على أهمية بذل الجهود من أجل إحداث تغيير واضح فيما يخص أزمة البطالة؛ والمساهمة في إقامة الكثير من المشاريع الصغيرة والتي من شأنها إحداث تغيير واضح في الأوضاع الاقتصادية في القطاع.