أمس العاشر من مايو كان الذكرى الأولى لمعركة (سيف القدس) بحسب التسمية الفلسطينية، و(حارس الأسوار) بحسب التسمية العبرية، التي كانت في التاريخ نفسه من عام ٢٠٢١، والتي أسفرت عن استشهاد (٢٠٠) فلسطيني، ومقتل (١٣) إسرائيليًّا، وكانت انتصارًا من غزة للمسجد الأقصى، وسكان الشيخ جراح.
توقف القتال بعد اثني عشر يومًا بوساطة مصرية، على أن يعود الطرفان للتهدئة، وتسمح دولة الاحتلال بإعادة الإعمار، وتسهيل دخول مواد الإعمار، والأموال اللازمة لذلك، إذ هدمت أبراج سكنية، وعمارات، ودمرت طرق وبنى تحتية، ومواقع شرطية.
على مدى عام من العودة للتهدئة لم تفِ دولة الاحتلال بوعودها لمصر، فالأموال الخارجية لصالح إعادة الإعمار لم تدخل، لأن حكومة الاحتلال تمنع دخولها، ولم يتمكن الفلسطينيون من إعادة بناء العمارات والأبراج المهدمة، والتي حظيت بنقل ركامها وتجهيزها للبناء بمساعدة مصرية. هذا الوضع السالب في هذه المسألة هو وضع ضاغط على السكان، وضاغط على حماس وفصائل المقاومة، ومن ثمة يمكن القول بأن التهدئة باتت على كف عفريت كما يقولون.
عام كامل دون إعادة إعمار، ودون تسهيلات لدخول المساعدات الخارجية، يعني إفشالًا إسرائيليًّا للوساطة المصرية، ويعني أن صبر المقاومة في طريقه للنفاد، وإن احتمالات الدخول في معركة (سيف القدس ٢) هو احتمال كبير، ولا سيما أن المسجد الأقصى تعرض في الأعياد اليهودية الأسبوع المنصرم لاقتحامات متعددة، وتعرض المصلون للقمع والاعتقال، وقد أرسلت المقاومة برسائل تحذير للعدو من خلال الإعلام، ومن خلال الوسطاء، وأوشكت شرارة المعركة الجديدة أن تنطلق بعيد عملية إلعاد الفدائية.
ما أود قوله أن بيئة حرب جديدة تتشكل والأقصى مركزها الأول، وتعطيل حكومة الاحتلال لإعادة الإعمار مركزها الثاني، ومن المعلوم أن قوات العدو دخلت في مناورة مدتها شهر، تحاكي حربًا حقيقة على عدة جبهات، وبدورها رفعت فصائل المقاومة الجاهزية القتالية، خشية تحول المناورة إلى حرب مفاجئة، وضربة أولى استباقية. وجلّ المتابعين للصراع يرون أن معركة (سيف القدس ٢) قادمة، وأنها مسألة وقت، لأن صبر غزة على وعود إعادة الإعمار نفد، وصبر الفلسطيني على العدوان المتكرر على المسجد الأقصى ينفد، ولا يكاد يملك الوسطاء قدرات جيدة على إجبار حكومة الاحتلال على الوفاء بتعهداتها عند وقف إطلاق النار في ٢٠٢١م.