فلسطين أون لاين

تقرير معادلات رسختها معركة سيف القدس

...
غزة/ نور الدين صالح:

رغم مرور عام على انطلاق شرارة معركة "سيف القدس" في شهر مايو 2021، فإن نتائجها لا تزال حاضرة بقوَّة على الأرض، تجسدت بمخاوف الاحتلال في التعامل مع المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، خاصة في شهر رمضان المبارك.

ومما لا شك فيه أن المقاومة في غزة، رسخت قواعد اشتباك جديدة في التعامل مع قوات الاحتلال، وفرضت مُعادلات مغايرة للسنوات السابقة، إذ إنها هي التي باغتت بإطلاق القذائف الصواريخ حينها فداءً لحي الشيخ جراح والمسجد الأقصى المبارك، وفق ما ذكر مراقبين.

المتابع لمُجريات الأحداث خلال شهر رمضان يتحقق بالفعل من أن النتائج والقواعد التي رسختها معركة "سيف القدس" ما زالت حاضرة، إذ إن حكومة الاحتلال التي يقودها المتطرف نفتالي بينت لم تتجرأ على تنفيذ أي من تهديداتها "الجوفاء" سواء بذبح القرابين في باحات الأقصى أو تنفيذ مسيرة الأعلام.

الردع المتبادل

يرى المختص في الشأن الأمني د. هشام مغاري، أن أهم معادلة شكَّلتها معركة "سيف القدس" هي الردع المتبادل بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال على اعتبار أنها تمتلك قوَّة هائلة في القدرات العسكرية.

وأوضح مغاري لصحيفة "فلسطين"، أن هذه المعادلة تجسدت في منع الاحتلال من استخدام قوَّته ضد الفلسطينيين، عدا عن عدم تحقيق أهدافه والخسائر التي لحقت به على مختلف المستويات سواء البشرية أو المادية او المعنوية.

والمعادلة الثانية التي رسختها "سيف القدس" وفق مغاري، أنها تمكنت من جمع الشباب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده نصرة للأقصى والمقدسات الإسلامية، معتبرًا ذلك "نجاحًا كبيرًا" في ظاهرة جديدة لم تشهدها القضية الفلسطينية منذ عقود طويلة.

وبيّن أن المعادلة الثالثة تتمثل بتوحيد القوى الفلسطينية، التي تجسدت بالغرفة المشتركة للمقاومة، إذ أثبتت أنها لا تزال على قلب رجل واحد من حيث التعاون في تنفيذ وأساليب عمليات المقاومة.

وأوضح أن "سيف القدس" صنعت مؤشرات جديدة تتمثل باحتمالية دخول جبهات متعددة إلى جانب قطاع غزة خاصة من شمال فلسطين حال اندلاع أي حرب جديدة، إضافة إلى العمل الفردي في الضفة الغربية المحتلة.

وأكد أن المعركة أعادت تموضع القضية الفلسطينية في الصدارة وجعلتها أولوية في البُعد الدولي والإقليمي بعد غياب طويل عن ساحة الفعل الدولي. 

وقال مغاري: إن "المقاومة استطاعت تلك المعادلات عبر كثافة النيران والصمود الأسطوري، إضافة إلى تظاهر الجبهات في المناطق الأربعة وعدم قدرة الاحتلال على تحقيق أهدافه من المعركة.

وبيّن أن كل هذه العوامل مجتمعة أعطت زخم للقوة الفلسطينية والمقاومة وإمكانية الاستمرار على هذه الحالة والردع، مشيرًا إلى أن الاحتلال بات الآن يخشى من أي معركة قادمة مع قطاع غزة.

نمط جديد

بدوره، قال الخبير والمحلل العسكري اللبناني اللواء أمين حطيط: إن معركة سيف القدس شكّلت نمطًا جديدًا من أنماط المواجهة والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، خلافًا للسنوات السابقة.

وعدّ حطيط خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، اندلاع المعركة "نقلة نوعية في الأداء العسكري الفلسطيني في مواجهة العدو".

واستعرض جُملة من النقاط والقواعد التي فرضتها المعركة خلال العام الماضي، أولها "دافع المواجهة"، أي أن المقاومة كانت تتخذ موقفًا دفاعيًا حال مهاجمة الاحتلال لقطاع غزة، لكن هذه المرّة "المقاومة هي التي بادرت بإطلاق النار من أجل الدفاع عن الشيخ جراح والقدس".

والنقطة الثانية وفق تقديره، أن المواجهات السابقة في القطاع كانت تنتهي بتسويات غالبًا تنقلب لمصلحة الاحتلال، "لكن هذه المرّة انتهت بالتزام العدو الاستجابة لأهداف المقاومة".

وأما النقطة الثالثة والكلام لحطيط، أن المواجهات السابقة كانت للردع في شق محدد، أما في "سيف القدس"، فغلب الطابع الاستراتيجي العام الذي جعل القدس هدفًا دفاعيًا رئيسيًا يُقاتل لأجله، وهو ما يُعرف بمفهوم "المعركة الشاملة".

وأكد أن المقاومة استطاعت تحقيق هذه المعادلات من خلال قوتها الميدانية والعسكرية أولًا، وقرارها الشجاع والحاسم بالمواجهة وعدم خضوعها لضغوطات أي شخص والتصرف وفق المصلحة الفلسطينية العليا.

وأضاف "العدو بعد معركة سيف القدس واجه مرحلة جديدة من مراحل المقاومة تحمل أسم "أسود المقاومة المنفردة"، التي توقع بالاحتلال ومستوطنيه الخسائر الكبير"، مشددًا على أن "هذه العمليات النوعية أضافة إلى معركة سيف القدس ثقلًا نوعيًا وأربكت حسابات العدو".

وختم حديثه، أن "العدو بات اليوم مقيدًا أكثر من السابق في مسألة خوض مواجهات مع قطاع غزة، لذلك من المرجح تقبل فكرة التآكل الأمني والعسكري".