فلسطين أون لاين

عملية إلعاد.. دلالات التوقيت وسيناريوهات المستقبل

تقع مدينة إلعاد شرق (تل أبيب)، على أطراف تجمع (غوش دان)، أكبر التجمعات الحضرية في (إسرائيل)، ولكن إلعاد يغلب على سكانها الطابع الديني، حيث ينتمي جزء كبير منهم إلى الحريديم، وجوهر ثقافة اليهودية الحريدية (المتزمتة) العيش ضمن جيتو خاص بها، وتشكل عبئاً ثقافياً على اليهود العلمانيين، وتمثل 8% تقريباً من المجتمع الصهيوني.

لا أبالغ إن قلت إن كل ما سنكتبه ليس على رأس أولويات منفذي العملية، وإن دلالات التوقيت بالنسبة لهؤلاء الفتية مرتبطة بمحور استباحة المقدسات، واستمرار العدوان. وعليه فإن هؤلاء الشبان انطلقوا من غيرتهم على مقدساتهم ويكفي مشهد اقتحام المسجد القبلي وتدنيسه وضرب المصلين داخله، ورفع الحجاب عن رأس المواطنة الفرنسية من أصل جزائري ليحرك مشاعرهم ويدفعهم لإيصال رسالتهم بالطريقة التي يفهمها العدو، وهذا هو المرجح ولكن ما سأكتبه وأرصده من دلالات أخرى للتوقيت هو موجه لكل من يهمه الأمر.

تزامنت العملية مع أربعة أحداث مهمة هي:

  1. إعلان استقلال دولة الاحتلال الصهيوني الـ74.

  2. اقتحامات المستوطنين وشرطة الاحتلال لباحات المسجد الأقصى طوال شهر رمضان ومنع جزء من الأسرة المسيحية من الاحتفال بسبت النور في كنيسة القيامة بالقدس الشريف.

  3. خطاب القائد يحيى السنوار، وتأثير هذا الخطاب في الشباب الفلسطيني.

  4. زيارة جو بايدن للمنطقة خلال الأيام المقبلة.

عملية إلعاد ومن قبلها سلسلة عمليات آذار الماضي تحمل مضامين مهمة تتمثل في رسالة سياسية بامتياز موجهة للاحتلال وللمجتمع الدولي مفادها أنه ما دام الاحتلال وأساليبه المتعددة والمختلفة ضد الشعب الفلسطيني باقية فإن ذلك يؤسس لاشتباك دائم ومستمر مع هذا الاحتلال وإن اختلفت أدواته وأساليبه، فالأصل بالعلاقة مع الاحتلال هو الاشتباك، وكل أشكال الاشتباك مشروعة في القانون الدولي، وإن انتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية هو مساس بالكرامة الوطنية التي هي أعز ما نملك، وعليه ليتوقع الاحتلال مزيدا من العمليات التي تؤسس لمرحلة الانفجار الشامل والواسع الذي يؤمن الكثيرون أنه انفجار التحرر والانعتاق من الاحتلال بشكل نهائي، لأن الجميع بات يدرك أن مؤشرات ضعف الكيان باتت واضحة، ولا سيما في ظل زيادة الخلاف السياسي والديني داخل المكون الإسرائيلي، واختلال ميزان المناعة القومي، وحضور فكر المقاومة لدى الوعي الجمعي الفلسطيني مع انسداد الأفق السياسي مع قيادة منظمة التحرير.

إن زيارة بايدن للمنطقة مهمة إن امتلكت الإدارة الأمريكية الإرادة الحقيقية لإنهاء الصراع بشكل تام ونهائي، وتركت ازدواجية المعايير التي تنتهجها، والتي أضعفت مكانة الولايات المتحدة، لوجود تناقض في مبادئها وقيمها ودستورها عندما تميز بين إنسان وإنسان.

إن خطاب السيد السنوار كان له تأثير كبير في شريحة من الشباب، والحملة الصهيونية الموجهة من معارضي حكومة بينيت لاغتياله ما هي إلا ضمن الصراع الداخلي الصهيوني، ويتمنى معارضو بينيت أن يذهب باتجاه اغتيال السنوار، والهدف الحقيقي هو توريط بينيت في قطاع غزة وصولاً لإسقاط الحكومة، وهذه شهادة فخر لغزة ومقاومتها، وتأكيد وحدة الجغرافيا الفلسطينية.

الخلاصة: إن استباحة المسجد الأقصى غير مرتبطة بزمان أو مكان وإنما هي نتاج استراتيجية صهيونية ممتدة لتهويد المدينة المقدسة، ومن يفشل هذه الاستراتيجية هو فقط تضحيات شعبنا ومقاومته، ودعم أمتنا العربية والإسلامية، وعليه فإن سيناريوهات المستقبل مرتبطة بطريقة المعالجة الصهيونية وموقف المجتمع الدولي، ولا سيما إدارة بايدن، حيث سيكون المنحنى كالآتي:

كلما زادت وتيرة الاعتداءات على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وبقية الأراضي الفلسطينية فإن فرص المواجهة تزداد، وعليه فإن قرار الإغلاق الشامل في حال استمراره لمدة طويلة ينذر بتصاعد الأمور وتدحرجها باتجاه المواجهة، حتى وإن كانت كل الأطراف لا تريدها. وعليه الكرة في الملعب الإسرائيلي والدولي، وكيف من الممكن الضغط على حكومة بينيت للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للقدس، وإطلاق المسار السياسي بأدوات وآليات مختلفة تنصف حقوق الفلسطينيين.