أمريكا ودول أخرى استنكرت عملية قتل ثلاثة وإصابة آخرين في منطقة إلعاد بتل أبيب. وآخرون ركزوا على بشاعة القتل بالفأس، وكأن القتل بصاروخ أرحم! وغيرهم ركز على إجراء إحصاء للقتلى في الطرف الإسرائيلي فوجدهم (١٩) قتيلا في (٤٣) يوما، وهي نسبة قاسية مرعبة، وهؤلاء لم يحصوا من قتلهم الاحتلال من الفلسطينيين! وطرف رابع ركز على ضرورة أن تسرع حكومة بينيت بجباية الثمن من السنوار، باعتباره محرضا على القتل. ولكن لا أحد من هؤلاء قدم نصيحة لدولة الاحتلال، ولحكومة بينيت يحثها بالابتعاد عن المسجد الأقصى، وبلجم اقتحامات المستوطنين، الذين يشعلون النار لا في الأقصى، بل في كل مكان، والأهم أنهم يشعلون نار الانتقام في جيل الشباب ممن هم دون العشرين في العمر.
اقتحامات الأقصى هي من تسببت بقتل (١٩) مغتصبا بآليات قتل مختلفة وفي أماكن مختلفة، وما قاله السنوار في خطابه الأخير لم يقتل أحدا، فوزن القدس في قلب الشباب والمقاومين أثقل من وزن الخطابات المرتجلة مرات ومرات، لذا فإن دعوة جباية الثمن غير مفيدة ولا تحقق استقرارا في المنطقة، ولن تردع الشباب الفلسطيني من الانتقام، وقد تفجر حربا واسعة النطاق، كما حدث يوم أن اغتال الغباء الصهيوني القائد أبو محمد الجعبري رحمه الله.
ابتعدوا عن الأقصى، وأبعدوا سفهاءكم عن ساحات الأقصى، وعلموهم أنه مكان عبادة للمسلمين فقط، ولا هيكل هناك ولا ما يحزنون، عندها فقط تجبون بعض الهدوء، وربما تتراجع نسبة العمليات الفدائية، وبالذات العمليات الفردية التي لا يقف خلفها تنظيم بعينه. إن تأثير الأقصى فوق تأثير كل التنظيمات، واعلموا أن الأقصى هو الذي حرك صلاح الدين للتحرير، ولكنكم قوم تجهلون، ولا تفقهون.
الشباب الفلسطيني يقاتلكم ومن حقه أن يقاتلكم، والقانون الدولي يعطيه شرعية قتالكم بوصفكم محتلين، كما يعطيها لغيرهم في أوكرانيا وغيرها، ولكن لماذا يقاتلكم الشباب؟ ولماذا تقاتلكم الفصائل؟ الجواب المباشر ودون فلسفة هو للتحرير وتقرير المصير. وحين يتنافس الشباب على قتلكم فيكون ذلك بسبب عدوانكم على الأقصى. هذه هي معادلة (إلعاد، وديزنكوف، والخضيرة، وبئر السبع). ومن يريد استخلاص العبر عليه دراسة هذه المعادلة جيدا، دراسة موضوعية، وفي التراجع المعلن عن اقتحام الأقصى فائدة للطرفين في صراع ممتد حتى تقرير المصير بحسب الفلسطينيين، أو قل بحسب معطيات التاريخ.
إن استنكار رئيس السلطة محمود عباس، والناطق الأمريكي غير مفيد لكم أو للقضية. والإحصاء وجباية الثمن طريق مضلل، ولن يغير من مكانة الأقصى في قلوب الشباب، وجباية الثمن لن تردع الشهادة. لأن الشهادة هي الطريق للأقصى، بل للحرية، بل للجنة. فماذا تقولون في شعب عشق شبابه الشهادة؟!