المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، وثالث الحرمين الشريفين، وإليه تشد الرحال، كما يقول العلماء والفقهاء، بات حزينا ويتألم بسبب البوابات الإلكترونية التي وضعها الاحتلال على بواباته المختلفة، وهو حزين لأن المصلين فيه من المسلمين فقدوا الحرية لدخوله للصلاة فيه بحرية، وهو حزين لأن الأمة العربية والإسلامية غارقة في سبات عميق، فلا تتفاعل مع ما يجري للأقصى.
لا أحد من قادة العالم العربي والإسلامي يحمل هم الأقصى، أو يقدر الأخطار التي تحيط به حق قدرها، وكأن أهل القبلة فقدوا الإحساس بما يحاك للأقصى في المخططات الإسرائيلية من محاولة للسيطرة عليه. الصوت الوحيد الذي طالب نتنياهو بفتح أبواب المسجد الأقصى هو صوت الملك الأردني بحكم وصايته على الأماكن المقدسة في القدس. حتى الشعوب الإسلامية ظلت صامتة على إغلاق المسجد، ولم تسجل الساحات العربية والإسلامية أي نشاط جماهيري يحتج على إغلاق المسجد؟! هذا إذا استثنينا غزة.
دولة الاحتلال أعادت فتح المسجد أمام المصلين بعد إغلاقه لمدة يومين، ولكن بعد استثمار ما جرى فيه يوم الجمعة، والتقدم خطوة إضافية للسيطرة على المسجد. إن مقتل اثنين من شرطة الاحتلال في اشتباك مسلح مع ثلاثة شبان فلسطينيين هو مبرر كافٍ عند حكومة الاحتلال لوضع البوابات الإلكترونية، واعتقال من يرفض وجودها من أبناء مدينة القدس.
يقول مفتي القدس والديار المقدسة الفلسطينية محمد حسين: إن إسرائيل لا تحتاج لمبررات بخصوص ما يتعلق بأي إجراء تقوم به في المدينة المقدسة وخاصة المسجد الأقصى، مضيفاً أن كل إجراء تتخذه إسرائيل ضد المسجد هو مرفوض تماماً.
وأوضح، أنه يجب السماح وبحرية كاملة لكل من يريد أن يصلي بالمسجد الأقصى، دون حواجز وموانع أو بوابات إلكترونية، لأن المسجد الأقصى مكان للمسلمين والإسلام، وتدخُّل الاحتلال في شؤون الأوقاف الفلسطينية والمسلمين يمكن أن يؤثر على الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك.
لا أحد في العالم العربي والإسلامي استوعب الخطر الذي يهدد الأقصى، ولا يقف التدخل في شأن الأقصى عند البوابات الإلكترونية، بل البوابات لا تزيد عن خطوة على الطريق للتقدم نحو السيطرة الإسرائيلية على ساحات المسجد، وتطبيق التقسيم المكاني والزماني، وكل من رفضوا البوابات الإلكترونية باعتبارها تدخلا سافرا في شأن مكان مقدس للمسلمين، وصلوا خارج البوابات وتعرضوا للاعتقال.
يقول بعض المختصين في الشأن الإسرائيلي: "الاحتلال يستغل حالة الضعف للشعب الفلسطيني والانقسام والحالة العربية المنهارة بشكل غير مسبوق"، منوهاً إلى أن الاحتلال يحاول أن يخرج ساحات المسجد الأقصى من قدسيته، باعتبار أنها تابعة لبلديات الاحتلال وليس لوزارة الأوقاف الفلسطينية، والعمل على تجريد الأوقاف الإسلامية من مسؤوليتها الإدارية، وربما يلجأ لإجراءات جديدة كونه يسيطر على مفاتيح القدس. الأقصى في خطر، وقادة الأمتين العربية والإسلامية في غفلة عما يجري.