فلسطين أون لاين

مغامرات محفوفة بالمخاطر.. فلسطينيون لا يعدمون الوسائل بالوصول إلى "الأقصى"

...

لا يعدم الفلسطينيون الوسائل لتحدي وكسر قرارات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة تلك المتعلقة بمنعهم من الدخول إلى مدينة القدس المحتلة، للصلاة في المسجد الأقصى المبارك.

ورغم ادعاءات الاحتلال بتقديم "تسهيلات" تتعلق بالسماح للرجال فوق سن الخمسين من المرور عبر الحواجز العسكرية، إلا أن جنوده على الحواجز التي تفصل مدينة القدس عن بقية مدن الضفة الغربية، أرجعوا الآلاف منهم بحجة "المنع الأمني".

فيما تبرز صور التحدي بشكل جلي، بقدرة عشرات الآلاف من الشبان، دون هذا السن من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، من خلال البحث عن وسائل وطرق لكسر قرارات الاحتلال.

مراسل "قدس برس" الذي رابط في المسجد الأقصى المبارك، التقى بعدد من الشبان الذين جاؤوا من مختلف مدن الضفة الغربية، وعرّضوا حياتهم للخطر، في سبيل كسر حصار الاحتلال للمدينة المقدسة.

وتمكن الشاب أحمد صلاح (اسم مستعار)، من دخول الحرم القدسي، فجر اليوم الجمعة، بمساعدة شبان آخرين، بعد أن تسلق جدار الفصل العنصري المحيط بالقدس من جهة بلدة الرام، والذي يصل ارتفاعه إلى ثمانية أمتار، حيث أصيب بجروح غائرة في يده اليسرى.

تسلق الجدار

ويقول صلاح: "كلنا فداء للقدس والأقصى، الحمد لله أنني وصلت، كانت مغامرة مع عشرات الشبان، بعد أن تسلقنا الجدار من جهة الضفة، باستخدام سلالم لنحو ثلاثة أمتار، ثم الإمساك بحبل متدل والتسلق إلى الأعلى، وبعدها استخدمنا الحبل للنزول إلى الجهة المقابلة".

ويضيف "الأمر يتطلب انتباهاً شديداً، فأي خطأ يعني أن تقع من أعلى، وقد أصيب أكثر من شاب بكسور في أقدامهم، ولكن السرعة أيضاً مطلوبة، قبل وصول آليات الاحتلال التي تمشط منطقة الجدار على مدار الساعة".

وخلال نزوله عن الحبل، فقد "صلاح" السيطرة، فالتف الحبل على يده، وتسبب بتمزقات في كفه وأصابعه، ورغم الألم الشديد واصل هبوطه حتى وصل إلى الأرض، وركض بأقصى سرعة قاطعاً الطريق نحو تلة مزروعة بالسرو، حيث تأتي سيارات لنقلهم إلى منطقة باب العمود بالقدس.

ويختم بقوله "ذهبت فوراً إلى العيادة، وهناك دهن المعالج يدي بمراهم خاصة، ثم جرى لفها بالكامل بالضمادات.. لست نادماً، بل على العكس تماماً، لو تطلب الأمر أن أعيده كل يوم حتى أدخل الأقصى، فلن أتردد".

ويمر الجدار الذي بدأت سلطات الاحتلال في بنائه عام 2002، داخل الضفة الغربية، ويتكون من ألواح إسمنتية وأسيجة بارتفاعات تتراوح بين 4.5 و9 أمتار، بطول 712 كيلومترا.

أما مؤيد عبد الحميد، (وهو اسم مستعار أيضاً) في الأربعين من عمره، فكانت مغامرته لا تقل خطورة عن نظيره "صلاح".

يتقول لمراسلنا: "توجهت فجر أمس الخميس، مع أصحابي إلى إحدى الفتحات في جدار الفصل العنصري القريب من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية".

ويتابع: "بعد عملية مراقبة حثيثة، يقوم بها الشبان، لحركة الآليات العسكرية الإسرائيلية، أعطونا إشارة بالركض واحداً تلو الآخر بين الأحراش والدخول إلى الفتحة ومواصلة الركض إلى الجهة المقابلة، والتواري تماماً عن الظهور، بانتظار إشارة جديدة للتحرك نحو الحافلة التي ستقلنا إلى القدس".

ساعات صعبة

ويقول عبد الحميد: "عندما تبدأ بالركض، ينبض قلبك بقوة ويتدفق الدم إلى شرايينك، فهي حالة ممزوجة بين الخوف من أن يكشف جنود الاحتلال أمرك ويطلقون عليك الرصاص، وبين اللهفة للوصول إلى الأقصى".

واستغرقت العملية، منذ لحظة خروج "عبد الحميد"، من منزله في مدينة نابلس، وصولاً إلى القدس أكثر من عشر ساعات، (تحتاج إلى ساعتين في الظروف العادية)، لكنه تمكن من أداء صلاة العصر حاضراً في ساحات الأقصى، وسط فرحة غامرة اعتمرته.

يقول وهو يبكي: "والله عمري وروحي رخيصة في سبيل الله، ثم شد الرحال إلى المسجد الأقصى، فمجرد أن خطت قدمي بوابة باب السلسلة، ورأيت قبة الصخرة تتباهى أمام عيوني، سجدت لله على، وانهمرت الدموع من عيوني".

والخميس، قال محافظ القدس، عدنان غيث، إن "عشرات الشُبان أصيبوا بكسور ورضوض نتيجة سقوطهم عن جدار الفصل العنصري".

وأضاف، في بيان، أن الشبان تعرضوا للملاحقة بهدف "منعهم من الوصول للمسجد الأقصى المُبارك لإحياء ليلة القدر (الأربعاء/الخميس) والصلاة فيه".

المصدر / وكالات