تسير الزهراء حماد بين النساء تتلمس حاجاتهن في صلاة التراويح خلال شهر رمضان المبارك، مرتدية سترتها الفسفورية المعنونة بـ "لجنة نظام فتيات المسجد الأقصى المبارك"، تقوم بتسوية الصفوف، وتهدئة روع الأطفال الباكين بعد ضياعهم عن أمهاتهم.
تستمر الضابطة الميدانية في عملها حتى منتصف الليل، بعد انصراف النساء من الأقصى، ويتعاظم العمل في "ليلة القدر" حيث تتوافد مئات النساء من شتى المدن الفلسطينية لقضاء هذه الليلة في رحابه حتى بزوغ الفجر.
تبين المتطوعة حماد لـ"فلسطين" أن مهام اللجنة تتمحور في كلمة (هام) وتعني "هدوء، أمن، مسارات"، حيث تقوم الفتيات بإسناد الحارسات في فتح مسارات طوارئ للإسعاف للوصول إلى الحالة سريعًا، وتنظيم صفوف المصلين، والانتباه للسرقات، وإرجاع الأطفال الضائعين لأمهاتهم.
وتوضح أن منذ تشكيل لجنة النظام في 2009م، قدمت أكثر من 5000 فتاة جهدهن، لافتة إلى أن كل فتاة تعشق المسجد الأقصى فوق سن 15 عام تستطيع الانضمام للجنة، مع التزامها الزي الشرعي.
حب الأقصى
في حين بدأت الضابطة الميدانية زينة عديلة رحلتها مع لجنة نظام الفتيات، في سن الثالثة عشرة، حينما كانت تحضر اجتماعات أسبوعية معهن، ومن خلالها تعرفت على لجنة تنظيم الفتيات.
وتقول عديلة لـ"فلسطين": "أحببت الفكرة ولم أتردد في الانضمام للجنة، بدافعَيْ حبي وانتمائي للأقصى، والتطوع في خدمة الناس لنيل الأجر والثواب في أعظم أشهر العام".
وتتابع: "مهمة التنظيم ليست سهلة، حيث تبذل الفتيات جهدًا في خدمة النساء ليلًا، وضبط الصفوف والتعامل مع آلاف الوافدين إلى الأقصى طيلة أيام شهر رمضان".
شكلت شخصيتي
أما الضابطة الميدانية والمتطوعة آية صبرا فتقول: "لجنة النظام شكّلت شخصيتي التي أنا عليها الآن، لأن العمل في الميدان يتطلب مهارات كثيرة كالصبر والعمل ضمن فريق والقدرة على التواصل مع المتطوعات الأخريات ومئات آلاف المصلين، وللعام 11 أعمل متطوعة في الأقصى وما زال المكان ورواده يعلمونني الكثير".
وتطرقت المتطوعة للظروف الصعبة التي تعمل بها تحت أشعة الشمس الحارقة خلال ساعات الصيام الطويلة وضغط الأعداد الكبيرة من المصلين، وتضيف صبرا لـ"فلسطين": "نجد صعوبة في تقبل بعض المصلين وتفهمهم لعملنا وهناك تفاوت كبير في تجاوبهم معنا، لكن باتت لدينا قدرة على التعامل مع كافة شرائح المجتمع وتفهم خلفياتهم الاجتماعية".
خدمة وتوجيه
من جهته، يبين مؤسس ومنسق لجنة نظام فتيات المسجد الأقصى المبارك رضوان عمرو، أن فكرة تأسيس اللجنة جاءت في العشر الأواخر من رمضان عام 2008، في إثر ملامسة حاجة جمهور النساء بالأقصى للجنة من الفتيات تخدمهن وترشدهن وتوجههن وتحافظ على الأمن والهدوء خلال صلاتهن في رمضان وفي المناسبات الإسلامية.
ويقول عمرو لـ"فلسطين" إنه في عام 2009 كانت انطلاقة لجنة النظام بواقع 33 فتاة متطوعة، وبدأت اللجنة تتبلور في الميدان وتفهمه وتفهم حاجة النساء بشكل عميق وتقدم كل ما يلزم للمصليات، كما بدأت أعداد المتطوعات بالازدياد تدريجيا بعد تقبل الأهالي لفكرة تطوع بناتهن في الأقصى.
ويشير إلى أن لجنة النظام لا تزال قائمة للعام 14 على التوالي، ومنذ عام 2009 حتى اليوم تجاوز عدد الفتيات المتطوعات 4500 فتاة من مختلف المناطق الفلسطينية، لكن معظمهن من القدس وجميعهن حصلن على شهادات للعمل التطوعي.
وعما يميز لجنة النظام عن بقية اللجان، يذكر أنها تعمل على مدار شهر رمضان، وطوال أيام الجمع الأربعة منذ ساعات الصباح، وبالتالي فاللجنة تغطي تقريبًا معظم الوقت الذي يكون فيه مصلون بالأقصى، وهي اللجنة الوحيدة التي تقوم بمثل هذا العمل في مدينة القدس كافة.
ويلفت عمرو إلى أنه قبل انتشار الفتيان في 13 موقعًا في صحن قبة الصخرة، يجتمعن معه لتوزيع المهام والتشاور في العقبات، إذ تسند اللجنة حارسات الأقصى وتعمل تحت مظلة دائرة الأوقاف لخدمة جمهور النساء.