فلسطين أون لاين

مع توقف صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية

تقرير "كسوة العيد" ستبقى لأطفال "أبو موسى" حلمًا

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

"يما نفسي أشتري لبس للعيد، ما بدي أضل ألبس من ورا الناس" عبارة تحاصر أم حاتم أبو موسى مع اقتراب حلول عيد الفطر، فأقصى أمنياتهم أن يشتروا كسوة العيد هذا العام، فهم لم يلبسوا ملابس جديدة للعام الثالث على التوالي.

منذ ما يزيد عن العام تعيش أسرة أبو موسى في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، الأمرين بعد توقف صرف مخصصات الشئون الاجتماعية، فلا غاز لطهي، ولا طعام يسد جوعهم في الشهر الفضيل، ولا مسكن يقيهم من برد الشتاء ولا حر الصيف، وديون متراكمة لا طاقة لها بسدادها.

تعيل السيدة الستينية، 9 أفراد ولا دخل لها سوى شيك الشئون الاجتماعية، زوجها مريض وابنها ذو (22 عامًا) يعاني من مرض نفسي، ولديها ابنين في الجامعة وقد توقفا عن الدراسة بسبب عدم قدرتها على دفع الأقساط.

تعيش أبو موسى في بيت متهالك لا يصلح لسكن، جدرانه متشققة ومكسرة، في الشتاء تقضي ليلها في تجفيف مياه الأمطار المتسرب عبر السقف والجدران إلى بيتها.

تقول أبو موسى لـ"فلسطين": "حينما كنت أحصل على شيك الشئون كل ثلاثة أشهر، أبتاع حاجياتي الأساسية من البقالة ومونة البيت، وكذلك الصيدلية حيث أبتاع الدواء لزوجي وابني شهريًا، واسطوانة الغاز أقوم بتعبئتها وكل هذه المبالغ أسدها عند صرف الشيك".

وتستدرك: "ولكن منذ أكثر من عام تراكمت عليّ الديون لأنني لم أتمكن من السداد، واليوم يرفضون إعطائي أي شيء بالدين لأنه لا أفق لصرف شيك الشئون".

طعام إفطار أبو موسى في رمضان طبقين من الفول تحصل عليهما من أهل الخير، وسحورها "فت شاي" والذي تصنعه على موقد الحطب، لأنها لا تملك المال لتعبئة غاز للطهي.

تضيف أبو موسى: "بسبب نار الحطب أعاني من آلام صدرية وتنفسية، ورغم هذه الآلام إلا أنني أطهو على النار لأن لا بديل لدي، وعليها ديون تقدر بـ1500 شيقل لصاحب محطة تعبئة الغاز والذي توقف عن تعبئة الأسطوانة لها".

لم تدخر أبو موسى جهدًا في البحث عمن يساعدها، فلجأت إلى جهات حكومية وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين حيث قدمت طلبات من أجل تصليح بيتها، ورغم إجماع الجهات كافة لبيتها حق الأولوية في الإزالة وإعادة البناء، إلا أنها لا تزال تنفيذ تلك الوعود.

وتبدي أبو موسى استعدادها للعمل من أجل توفير لقمة عيش لأطفالها، رغم كبر سنها، وتتمنى من أهل الخير بتوفير ماكنة خياطة لها، لتكون مصدر رزق لها، وتكفيها شر سؤال الناس.

ساعة الإفطار تبدأ الروائح الذكية تنبعث من بيوت الجيران، يبكي ابنها "يما شامة الروايح، نفسنا ناكل دجاج أو سمك أو لحمة"، يذهب إلى مدرسته يسمع أصدقاءه وهم يحدثون بعضهم عن ملابس العيد التي اشتروها، يعود إلى البيت باكيًا لوالدته "يما نفسي أنكسي للعيد، ليش أضل ألبس من أواعي الناس".

أما ابنها الذي أنهى سنتين دراسيتين في الجامعة وتوقف مع توقف شيك الشئون، منذ سنوات طويلة لم يتمكن من أن يشتري لبسًا جديدًا، حيث يستعير ملابس صديقه حتى يصل بها الجامعة، ثم يعيدها له بعد انتهاء دوامه، وفق قول أبو موسى.

تجاهد أبو موسى من أجل أن يتعلم أبناؤها، حيث تمنع اللقمة عن فمها من أجل توفير قسط الجامعة لأبنائها، واليوم أنهت ابنتها بكالوريوس إدارة أعمال ولكنها لم تحظَ بفرصة عمل تستطيع من خلالها أن تساعد أمها في مصروف البيت.

تناشد أبو موسى بتوفير فرصة عمل لابنتها لكي تستطيع أن تؤمن لإخوتها حياة كريمة في ظل انعدام الدخل لعائلتها.

وتختم حديثها: "أناشد كل شخص لديه ضمير حي، أن يرأف بحالنا، يدخل الفرحة على قلوب أبنائي بملابس جديدة، وطعام يسد جوعنا، وعلى الحكومة أن تنظر إلى أوضاعنا المزرية وعليها أن تعيد صرف شيكات الشئون لنا فلم يعد لدينا طاقة لكي نتحمل، فالجوع والأمراض نهشت قلوبنا وأجسادنا".

ويبلغ عدد المنتفعين من مخصصات الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة 80 ألف أسرة بواقع 94 مليون و461 ألف شيقل، في المقابل يستفيد 35147 أسرة من الضفة المحتلة بواقع 30 مليون 566 ألف شيقل.

ولنحو عام ونصف يعاني منتفعو الشؤون الاجتماعية أوضاعاً مأساوية بسبب عدم صرف مخصصاتهم المالية، الأمر الذي أثقلهم بالديون في وقت هم بأمسِّ الحاجة إلى صرفها.