فلسطين أون لاين

​موظفو سلطة شملهم قرار التقاعد: لماذا لا يُطَبَّق على عباس؟

...
غزة - نبيل سنونو

تساؤلات بلا إجابات في جعبة آلاف من موظفي السلطة المنتسبين لأجهزتها الأمنية في قطاع غزة. حمل هؤلاء، الذين استنكفوا عن العمل بناء على طلب من السلطة في 2007، أوراقهم وتساؤلاتهم ليتجهزوا لقرار من رئيس السلطة محمود عباس، بإحالتهم إلى التقاعد.

وبحسب رئيس نقابة موظفي السلطة في قطاع غزة، عارف أبو جراد، فإن ما لا يقل عن 10 آلاف موظف تابع للسلطة في قوى الأمن يتلقون منذ أكثر من 10 أيام كتبا من رام الله بإحالتهم إلى التقاعد وتسوية أوضاعهم المالية.

وبشأن العدد الدقيق لهؤلاء الموظفين، يقول أبو جراد لصحيفة "فلسطين": "حتى اللحظة التعتيم كبير جدا حول عددهم بالتحديد؛ لأن التأمين والمعاشات ترفض رفضا قاطعا أن تبلغ أي جهة بعدد موظفي السلطة الذين تمت إحالتهم للتقاعد".

جل هؤلاء الموظفين، طلبوا عدم ذكر أسمائهم خشية أن تتخذ السلطة في رام الله مزيدا من الإجراءات بحقهم، فارتأت صحيفة "فلسطين" بناء على ذلك حجب أسمائهم جميعا. إنهم يتساءلون: لماذا لا يطبق عباس قرار التقاعد على نفسه، وهو الذي بلغ من العمر عتيا؟

"أنا لست راضيا عن قرار التقاعد؛ لأن فيه ظلم"؛ يقول محمد سعد (51 عاما) وهو اسم مستعار لموظف سلطة برتبة مقدم، متسائلا في حديث مع صحيفة "فلسطين": "ألا يعلم الرئيس أن موظفي السلطة في غزة سحبوا قروضا ومنهم مستأجرون بيوتا؟".

ويضيف: "الأمور صارت صعبة بالنسبة لهؤلاء الموظفين، ومن غير المعلوم كم سيكون الخصم للمتقاعدين، أصلا هم قبل التقاعد بالكاد يُسيِّرون أوضاعهم المعيشية، فكيف سيكون الأمر عندما يحالون إلى التقاعد؟" واصفا ذلك بأنه "ظلم".

ويوضح أنه لا يقبل أن يكون "ورقة سياسية" يستخدمها عباس، متابعا بأن الأخير يحيل إلى التقاعد موظفين في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من أعمارهم.

ويخاطب عباس بقوله: "اقعد أنت أولا، ثم طبق نظام التقاعد على الآخرين. ائتِ بشاب يعمل مكانك"، مردفا: "أنا ضد هذا القرار (إحالة الموظفين للتقاعد) نهائيا".

ويشير إلى عدم وجود آليات للتقاعد، قائلا: "أتحدى إذا كان أي من موظفي السلطة في غزة يعرف ما الآلية"، مجيبا عن سؤال بشأن انعكاس هذا القرار على هؤلاء الموظفين: "دمرنا تدميرا شاملا".

يشاركه في عدم الرضا على قرار التقاعد، موظف سلطة برتبة "رائد" فضل عدم ذكر اسمه. يقول لصحيفة "فلسطين": "هذا تعسف بحق الموظفين".

ويتساءل عن المسوغ الذي استندت إليه السلطة لإحالة هؤلاء الموظفين إلى التقاعد، مبينا أن هذا القرار من شأنه التأثير سلبا على أوضاعهم المعيشية، لاسيما أن لديهم أبناء في الجامعات.

ويوضح حسب ما يتوفر لديه من معلومات أن قرار التقاعد نهائي، لكنه يصفه بأنه مخالف للقانون الفلسطيني، خصوصا أن هؤلاء الموظفين هم أقل من 60 عاما.

ويعتزم هذا الموظف، رفع قضية على السلطة في رام الله، مؤكدا أن موظفي السلطة كانت قد صدرت لهم أوامر من رئاسة السلطة بـ"الجلوس في البيت".

ويتابع: "الرئيس أصدر مرسوما وقال: التزموا بيوتكم وراتبكم شغَّال. كل شهر تستلمون الرواتب في البنك كأنكم على رأس أعمالكم. لنا 10 سنين (على هذا الحال)".

"كلنا ما دون 50 عاما ولا يحق له (عباس) أن يحيلنا للتقاعد"، يتحدث هذه المرة لصحيفة "فلسطين" موظف تابع للسلطة برتبة عقيد، قائلا: "مع الأسف الشديد لم آخذ حقوقي الكاملة".

ويؤكد أن قرار التقاعد "فيه إجحاف"، مضيفا أن "أغلب الشعب الفلسطيني لم يأخذ حقوقه"، وأن هذا القرار فُرِض على هؤلاء الموظفين فرضا ولا توجد أي جهة في رام الله يتمكنون من التواصل معها للحصول على معلومات.

ويصف قرار عباس بأنه سياسي "لعمل عازل وفاصل كامل بين الضفة وغزة"، وفق تعبيره.

وخصمت السلطة في رام الله من رواتب موظفيها في قطاع غزة ما يتراوح بين 30% و70% بدءا من راتب شهر مارس/آذار الماضي.

وانعكست قرارات السلطة حسبما يؤكد هذا الموظف "بشكل سلبي، فالوضع سيء جدا لأننا لم نأخذ حقوقنا ويضاف إلى ذلك أنه جرت خصومات، وغرقنا في الديون، وكبر الأولاد ودخلوا الجامعات والمدارس".

"جريمة"

ويقول موظف في السلطة برتبة مقدم، لصحيفة "فلسطين": "لا أحد راض عن أن يتقاعد وسنه صغير"، مضيفا أن لهؤلاء الموظفين "طموحات" في الترقية وليس التقاعد.

وينوه إلى أن لهذا القرار "انعكاسات سلبية" على الأوضاع المعيشية لأسر هؤلاء الموظفين "وحتى الخصم الذي تم أثر سلبيا على جميع الطبقات".

كما يصفه موظف برتبة "مساعد أول" بأنه "ليس صحيحا"، وأنه "جريمة بحق الموظفين"، قائلا لصحيفة "فلسطين": "عمري 43 عاما لماذا أتقاعد؟ لا يوجد سبب".

ويوضح أنه التحق بعمله في السلطة قبل 22 عاما، وأنه تفاجأ من قرار التقاعد بحقه، كما يؤكد أن استنكافه عن العمل جاء بناء على قرار من السلطة.

ويلفت إلى أنه تلقى أمرا إداريا بالتقاعد، في ظل عدم وجود معلومات عن آليات ذلك، متمما: "أتمنى أن يخرج علينا مسؤول من لجنة المتقاعدين يوضح لنا ما نظام التقاعد؟ وماذا عن مستحقاتنا؟".

وكان قرار متداول إعلاميا منسوب لحكومة رامي الحمد الله، نص على أنه بناء على قرار من عباس في 18 أبريل/نيسان الماضي "يتم البدء بتنفيذ مشروع التقاعد المبكر لقوى الأمن في المحافظات الجنوبية لسنة 2017".

وكانت حكومة الحمد الله قررت الشهر الجاري، إحالة 6145 من موظفي السلطة في قطاع غزة إلى التقاعد المبكر. وقال رئيس نقابة موظفي السلطة في القطاع عارف أبو جراد لصحيفة فلسطين آنذاك إن هؤلاء الموظفين هم "مدنيون".

ويضاف القرار إلى عدة قرارات سابقة اتخذتها السلطة في رام الله، إذ سبق وقف المخصصات الشهرية لأكثر من 270 من الأسرى والأسرى المحررين.

وكان عباس هدد، في المؤتمر الثاني لسفراء السلطة لدى الدول العربية والإسلامية، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة، في نيسان/ أبريل الماضي، بـ"خطوات غير مسبوقة" تجاه القطاع، طالت مناحي مختلفة شملت الصحة والكهرباء.