في قصة سابقة أخبرتكم كيف ابتلع حوتٌ نبيَّ الله يونس وأمضى أيامًا داخل بطنه.. واليوم أُحدثكم عن قصة الحيتان التي جعلها الله فتنة لأصحاب السبت الذين احتالوا على صيدهم.
سكن قومٌ من بني (إسرائيل) على شاطئ البحر، في زمن نبي الله داود في قرية اسمها أيلة. وكان الله قد أوحى لنبيه داود أن يبلغهم أن يوم الجمعة سيكون لهم عيدًا.
فخالفوه وأصروا على أن يكون عيدهم يوم السبت.. فابتلاهم الله، وحرم عليهم ما أُحل لهم من قبل، وأمرهم أن يكون هذا اليوم لذكر الله والتفرغ لعبادته وعدم ممارسة أي عملٍ دنيوي فيه، وكان أهل القرية يعملون في صيد السمك، وبذلك أصبح الصيد مُحرمًا عليهم في يوم السبت.
وليبتليهم الله ويختبر إيمانهم، ويميز المؤمن الذي يستسلم لأمر الله عن المستكبر العاصي.. أصبح إذا جاء يوم السبت أقبلت الحيتان أسرابًا إلى ساحل البحر إذ قريتهم، وإذا انتهى السبت، مضت الحيتان، ولم تعد إلى شاطئ بحرهم، وهكذا! استمر الحال مدَّة طويلة حتى أنهم لم يعودوا يصبرون على ذلك.
وفي أحد الأيام وكان يوم سبت أيضًا.. اقتربت مجموعة من الحيتان من الشاطئ مثل عادتها، تربص أحد رجال القرية بحوت، حتى تمكن من ربط ذيله، ثبت الحبل بعمود مغروس في رمال الشاطئ.. وترك الرجل الحوت يسبح مربوطًا داخل الماء.. حتى إذا مضى يوم السبت، وبزغ فجر الأحد، جاء الرجل وأخرج الحوت من الماء.. وانطلق به إلى بيته يشويه ويأكله.
وجد الناس رائحة شواء الحوت، وبحثوا حتى عرفوا ما صنع الرجل بالضبط.
أخذ بعضهم يقلدون فِعل الرجل سرًّا.. ويكرِّرون ذلك كل أسبوع.. لم يعاقبهم الله في البداية.. ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل أخذ مجموعة منهم يجهرون بالمعصية ويتحايلون على الحيتان لاصطيادها، كانوا يحفرون الفخاخ وينصبون الشباك على الشاطئ، فتقع فيها الحيتان يوم السبت، فيتركونها حتى يأتي يوم الأحد فيلتقطونها ويشوونها ويأكلونها.. وتمادوا أكثر فأكثر وأخذوا يحملونها إلى الأسواق علنًا ويبيعونها بلا تردد.
انقسم أهل القرية إلى ثلاثة أقسام.. قسم رفض المعصية، وحذَّر العُصاة وقالوا لهم: اتقوا الله.. واتركوا ما نهاكم الله عنه، ورفضوا أكل الحيتان. وبنوا جدارًا يفصلهم عنهم.
وقسم التزم الحياد، لم يأكل ولم يعترض على معصية القوم، بل وكان يثبط همة الرافضين المحذرين.
وقسم ثالث: أخذ يقلد العُصاة، ويفعل فعلهم ويطوِر الأساليب التي تمكنهم من صيد الحيتان وإبقائها ليوم الأحد.
وفي يوم، وكان العصاة ينامون مطمئنين في بيوتهم، يغلقون أبوابهم على أنفسهم، وقد اعتادوا فعل المعصية ولم يروا في فعلها مشكلة، نزل عذاب الله بهم.
تحول العُصاة إلى قردة، لها أَذناب، رجالًا ونساءً وأطفالًا.. أصبحوا قردة تأكل كما يأكل الحيوانات ولا يتكلمون ولا يتصرفون مثل البشر.
هذا مثال على جزاء من يعصي الله ولا يلتزم نواهيه. يعرف الحرام ويتحايل على فعله دون أن يشعر بندم أو تأنيب ضمير.