من جديد وبنفس المعايير والأسلوب يعاود الاحتلال العربدة في باحات المسجد الأقصى، في مشهد يعيد للأذهان ما اقترفته حكومة "نتنياهو" التي حولت ساحات الأقصى لحرب استهدفت المصلين والمرابطين أمام أعين العالم؛ دون أن يوقف هذه الوقاحة حقوقي أو دبلوماسي أو منبطح، سواء من غلمان المنطقة والإقليم أو المجتمع الدولي؛ حتى حط أول صاروخ في القدس، هناك وضعت النقاط على الحروف، وعرف الجميع حجمه وقوته وقدرته على أن يكون لاعبا مهما في المعادلة، تزامن ذلك مع إعلام الغلمان الذي بات يلوم المقاومة لأنها تدخلت بحجة أن الاحتلال محرج وهذه الحجة الواهية التي يعكسونها فورا في حال المقاومة لم تصفعه، فينشر هذا الإعلام تساؤلات عن عدم سرعة المقاومة في التدخل في الوقت الذي يضرب الاحتلال جهود العالم بالحائط.
مما لا شك فيه أن غلمان "بيت إيل" والعرب لم يعد في أجندتهم إنصاف للحقوق الفلسطينية ولا حل جذري وإنما الحفاظ على الوضع القائم وهو الخيانة بحد ذاتها للشعب وتضحياته، فلا جهد جدي وفعلي لمشروع التحرر ولا إسناد عربي رسمي تُبنى عليه مواقف تقدمية للفلسطينيين، ما نراه فقط التفافا ودعما لأمن الاحتلال مع كل عملية للمقاومة تستهدفه، ويسارعون عمليا إلى تشديد الحصار من داخل وأعالي البحار والسياج والحدود وتجفيف الأموال وكتم صوت الأحرار والتنسيق الأمني يصبح في أعلى مراتبه، بينما لا نرى من الغلمان إلا بيان ضبط نفس أو إدانة خجولة لتهويد وحرب شرسة ضد شعب ينشد حقه.
هنا يأتي سيف القدس الذي كان سيفا ليس على الاحتلال وحسب، وإنما على منظومة التطبيع العربية والتنسيق المحلية والمعايير المزدوجة الدولية، سيف جمع الجغرافيا في جبهة واحدة ووحد الألوان في سماء الوطن وبنى الجبهة الداخلية على قاعدة الإصرار على دحر الاحتلال ودفن المساومة.
بعد السيف ومعركته تغيرت المعادلة وباتت المقاومة عمليا هي لتحرير القدس وتجهيزاتها ليست للحصول على معبر مفتوح أو مترين من الصيد كما حاول الاحتلال وغلمانه ترويضها وحصارها في هذه الفكرة، بل باتت لسان المقدسي والحيفاوي والفحماوي والخليلي والنابلسي والغزاوي والعربي الحر والمسلم الغيور والأجنبي المناصر، فمن أهم إنجازات السيف حينها أنه جمع الناس على كلمة القوة وليس الاستجداء والتوسل.
المشهد الذي حاول الاحتلال وغلمانه تثبيته طوال عقود من الزمن أن الفلسطيني منسق وبائع لأرضه وشاحذ للمال ونصاب ولديه اقتتال وانقسام.
السيف بدد وهمهم وعزز ثقة الشعب بحقه وأكد أن الجبهة الداخلية هي الدرع الواقي للتحرير.
اليوم القدس من جديد والسيف لا يغمد وحتى ظله يهابه القريب قبل البعيد، تغيرات إقليمية زادت من التطبيع وفجوة بين الديكتاتوريين وشعوبهم وحرب دولية لها أقطابها وتطوراتها ومقاومة في غزة باتت جيشا له إسناده وجبهات لم تفتح بعد وسيفها في غمده، حتى الضفة التي تنزف من التنسيق والحصار العسكري والأمني باتت لديها خناجر في بعض مناطقها كما جنين الخناجر التي تسند السيف.
بين مستهتر بالمشهد ومادح لما يسميها قيادة المشروع الوطني وبين من يعد ويتجهز ليل نهار وبين ظروف وتطورات الميدان؛ تبقى حالة الغليان متدحرجة تجمع كل جغرافيا فلسطين وتنتج لوحة مكروهة للاحتلال ومشاريعه السياسية في المنطقة من كامب ديفيد ووادي عربة وصولا لأوسلو وأبراهام وغيرها، فمهاجمة عزل يصلون في مسجدهم جريمة أخذت الضوء الأخضر من غلمان العرب.
وتجميد القرارات الدولية ومحاسبة الاحتلال جريمة أخرى أنتجتها أوسلو ومهندسوها، لكن القدس فاضحة الجرائم وكاسحة الظلمة، وستكشف الأيام القادمة عن السيف وآثاره.