فلسطين أون لاين

"فلسطين أون لاين" يحاور مقدم برنامج الكاميرا الخفية "جيت لحالك"

"إسلام أيوب".. ينقل القضايا المجتمعية بسيارة أجرة

...
حوار/ يحيى اليعقوبي:
  • لم يتم الاتفاق مع الضيوف والمواقف والانفعالات حقيقية
  • لا أستطيع دخول أي مكان دون أن يطلب مني الأطفال والشباب التقاط صور
  •  الكوميديا والمقالب تعطي متسعًا للضحك رغم الظروف وتأثيرها كبير

"على غزة".. مباشرة وافق السائق على نقل الراكب من بيت حانون، ابتعدت السيارة قليلاً، حتى أخرج السائق هاتفه وبدأ أولى حلقات الاستفزاز وهو يحدق نظره وتبرز منه ضحكة غير بريئة تجاه الرجل "بعرفش أكلم إلا وأنا بالسيارة"، ثم أطفأ محركها وبدأ في حوار وهمي مع الهاتف "آه زعيم أنا في بيت حانون" ثم تغيرت تعابيره فجأة "حلو؛ كل الهمايط هناك!؟ يحدق الراكب به بينما هو يواصل "معي اثنين أكيلة" وأغلق الهاتف.

فنان في عامه الخامس والأربعين يجلس مكان سائق أجرة، يصطف أمام راكب جهز له المقعد الأمامي الفارغ واصطاده إلى مقلبٍ ساخر يهدف لانتقاد قضايا اجتماعية بطريقة كوميدية، في الخلف يجلس مساعده الذي يقوم بسكب الزيت على النار ليزيد الحوار سخونة بين الفنان إسلام أيوب وضيوفه في كل حلقة.

في حلقة "العزومة" وهي إحدى حلقات البرنامج الكوميدي المعروف باسم "جيت لحالك 2"، يواصل المساعد استفزاز الراكب عندما وجه سؤاله للسائق "عن مين بتحكي اثنين، أنا والزلمة؟" أدخل كلامه الراكب في الحوار بعدما تسعرت ملامحه غضبًا، طالباً من السائق نقله إلى غزة، لكن الأخير ظلَّ مطفئًا سيارته يحاول إقناعه واحتدم النقاش بينهما "- في غدا لرجل زوج ابنه الوحيد .. حبيبي عجول يا ورد – طيب أنت معزوم؟ - لا – طيب كيف بدك تروح – يا زلمة هو عارف كل الدنيا.. هاي خدمة الك" يقطع حديثهما مساعده بالخلف "شايفنا جعانين!" ليكمل السائق محاولة إقناع الراكب "بندخل بتاخد صنيتين باخدهم بأربعين شيكل" وهنا خرجت أعصاب الراكب عن السيطرة بعدما أشهر يده يريد ضرب السائق "أهبل انت، الزلمة مش عازمك كيف بدك تروح، وكيف بدك تاخدني" ثم هدده "والله بجيبلك شهادة وفاة، بخليهم ياكلوا في عزاك".

مقدم البرنامج إسلام أيوب بدأ مشواره الفني قبل عشرين عامًا، عمل في التقديم المسرحي وبعض الأعمال الفنية معظمها لامست هموم الناس، قرر في برنامجه الذي تعرضه قناة "الكوفية" تقديم القضايا بقالب كوميدي يتناول قضايا اجتماعية.

صحيفة "فلسطين" تضعه في هذا الحوار على مائدة النقاش حول فكرة البرنامج، وكواليس العمل، وخطورة بعض الحلقات على حياة المقدم.

فكرة أجنبية

يجيب الفنان أيوب الذي رحب بأول مقابلة إعلامية معه بعد شهرة البرنامج، على أول أسئلتنا حول الفكرة، مؤكدًا أنها فكرة أجنبية تم تقليدها في مصر أعجبتني ففكرت بتقديمها في غزة، كون المتعارف عليه أن المقالب الكوميدية تقدم في الشارع والمطاعم، والجميل بالفكرة أن الكاميرا تكون قريبة من الضيف (الراكب) وتسجل كل حركاته وانفعالاته، واخترت السيارة لأن السيارة بالعادة تنقل وجع الناس وحديثهم.

يتم تصوير الحلقات بواسطة كاميرا من نوع "جوبرو" تخفى عن عيون الركاب داخل صندوق محارم، يذاع في رمضان 29 حلقة كل واحدة تضم ثلاثة أو أربعة مشاهد مختلفة، جرى تصوير الحلقات بمناطق متفرقة في قطاع غزة، كان النصيب الأكبر في مدينة غزة. على مدار شهرين.

البعض يعتقد أنكم تتفقون مع الضيوف يعني أن الضيف يعرف أنها كاميرا خفية.. لو توضح للجمهور الحقيقة؟ تسبق إجابته ابتسامة يتفهم من خلالها موقف المشاهدين، ويبدأ بالرد "المتعارف عليه عالميًا أنه يتم ترتيب المشاهد مع الضيف، لكن هذه في حال وجود أشخاص يجيدون التمثيل، لكن في غزة مستحيل أنك تنتج 120 مشهدًا مصورًا خلال ثلاثين حلقة صناعة نجوم"، مؤكدًا أنه لم يتم الاتفاق مع الضيوف وأن المواقف والانفعالات حقيقية، لكن بعض الضيوف "كانوا يعرفون شخصيتي، فاستمروا بالتجاوب معي بهدف الخروج بالبرنامج".

شهرة مفاجئة

تفاجأ أيوب بالشعبية التي حصل عليها البرنامج خلال موسمه الحالي وكانت أكبر مما توقعها، لكنه قد يضطر لإجراء تعديلات في المرات الثانية، من بعض الأفكار التي تراوده أن تكون الكاميرا ظاهرة أمام الناس لتكون برنامجًا يعرض هموم الناس.

أيوب الذي كان قبل شهر يدخل المطاعم وأي مكان عام كأي مواطن، وقبل ذلك أمضى عشرين عامًا دون أن يعرفه عامة الناس، اليوم اختلف حاله كثيرًا يعرض جانبًا من هذا التغير "لا أستطيع دخول أي مكان دون أن يطلب مني الأطفال والشباب التقاط صور، الجمعة الماضية أوقف سائق سيارتي، وطلب التقاط صورة معي، وكثيرة هي المواقف المشابهة" معتبرًا، ذلك دليلاً على نجاح البرنامج وانتشاره وحب الناس إليه.

ما أصعب موقف مررت به في تسجيل الحلقات؟ لم يغب مشهد سحب أحدهم لمسدسه من الإجابة، واصفًا الموقف بـ "المؤذي اعتقدت أنه آخر مقلب في حياتي، وكنت أفكر في أن يكون هذا الموسم الأخير، لكن أمام حب الناس والصدى الذي وصل إليه البرنامج هذا يعطيني حافزًا للاستمرار".

أكثر الصعوبات التي تواجه أيوب بعد تسجيل الحلقات وانفعال الضيوف، هو عدم اقتناعهم بـ "الكاميرا" الخفية واستمرار احتدام الغضب خارج الكواليس، وكذلك الحلقات التي تتعلق بالثوابت الفلسطينية، قدس، لاجئين، عودة، أدرك من خلال أيوب أن "المواطنين قد يغفرون له ويسامحونه في أي موضوع آخر إلا تناول الثوابت بشكلٍ كوميدي حتى لو كان هدفه طرح قضية معينة"، مشيرًا، إلى أنه تعرض لردة فعلٍ قوية من الناس عندما تعلق الأمر بالقدس في إحدى حلقات الموسم الماضي.

هل تعتقد أن شخصية شعبنا المكبل بالهموم لا يصلح معه الكاميرا "الخفية" كما يعتقد البعض، خاصةً أن كل ضيوفك كان ينفعلون بغضبٍ بسرعة مما هدد حياتك في بعضها؟، عارض أيوب هذا التوجه، قائلاً، إنه "ورغم الوضع الصعب فالكوميديا والمقالب تعطي متسعًا ومتنفسًا للضحك والبسمة، فالعالم يعرف أن غزة ورغم الحروب تؤمن ب الحياة والضحك فكما نعد أعمالاً مسرحية ودرامية، الكوميديا أيضًا جزء من هذه الفنون".

تأثير أكبر

ورغم أن القضايا التي يطرحها أيوب عرضت بأشكال وقوالب فنية وإعلامية متنوعة، يعتقد أن تأثير طرحها بقالب ساخر يعطيها نجاحا أكبر، ويكون تأثيرها أعمق، مضيفًا: "حلقة "العزومة" تطرح موضوع قيام شخص بالذهاب لمراسم عزاء أو أفراح عائلات لا يعرفهم، وهذا سلوك منتقد لكنه موجود، فتحويله لسلوك ساخر نشره، وأبرزنا من خلال الدور السلبي لي في تقمص هذا الشخص كيف يهان وما هي نظرة المجتمع إليه".

أكثر ما لفته خلال تسجيل الحلقات جملة تكررت كثيرا "انت زلمة كبير بديش أمد ايدي عليك" وهي تدلل على أخلاق أبناء غزة باحترام الكبير معتبرًا ذلك "وسام شرف".

غابت المرأة عن مقالب أيوب، كما تغيب في معظم برامج الكاميرا "الخفية" التي تعرض، يعزو أيوب السبب إلى العادات والتقاليد في المجتمع الفلسطيني بغزة، وقال: "ليس لائقا أن يجد الرجل زوجته أو أخته تصرخ أو تضحك على شاشة التلفزيون لذلك نأيت بنفسي عن الدخول في ذلك".

أمام انتشار شخصية أيوب، تبقى لديه ثماني حلقات انكشفت شخصيته أمام الركاب في كل محاولة تسجيلها، الأمر الذي سيحتم عليه تغيير شخصيته في الموسم القادم، مشيرًا، إلى أنه خلال تسجيل الحلقات التي استمرت شهرين كان يكتشفه خمسة أفراد من بين عشرة أشخاص حاول التسجيل معهم.