فلسطين أون لاين

تقرير عائلة المحرر "أبو عون": اجتماع الأسرة على مائدة الإفطار حُلمٌ لم يكتمل منذ 21 عامًا

...
إسلام أبو عون - (أرشيف)
جنين-غزة/ مريم الشوبكي:

للمرة السابعة عشرة هلَّ هلال رمضان هذا العام وكرسيه فارغ، تحلقت بناته وأبناؤه وأحفاده حول مائدة الإفطار، والغصة تملأ قلوبهم، يحبسون الدمع قبيل أذان المؤذن بانقضاء يوم رمضاني جديد، تلهج ألسنتهم بدعاء الحرية لشقيقهم "إسلام" وأبيهم نزيه أبو عون الذي أمضي أيام رمضان الأولى أسيرًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ليلة ثبوت هلال الشهر الفضيل، كان أول ما يفعله أبو عون الاتصال ببناته لتهنئتهن ودعوتهن لمشاركته طعام الإفطار، هذا المشهد لم يتكرر سوى ثلاث مرات طوال 21 عامًا قضاها بين أسير في سجون الاحتلال أو معتقل سياسي في سجون أمن السلطة.

في 12 مايو/أيار 2021 اعتقل أبو عون، عقب دهم منزله من بلدة جبع جنوب جنين شمال الضفة المحتلة، وأصدر الاحتلال بحقه حكمًا بالسجن مدة 12 شهرًا.

وحتى وقت الإفراج عنه نهاية العشرية الأولى من رمضان، خيم الحزن على زوجته "أم أيسر"، فهذا العام لم يهل هلال رمضان بوجود زوجها فقط، وإنما غاب عنها ابنها إسلام أيضًا، فغابت مظاهر الفرحة باستقبال الشهر الفضيل.

تقول أم أيسر رفيقة درب نزيه على مدار (34 عامًا)، يترك "إسلام" فارغًا كبيرًا في البيت حين يعتقل، إذ اعتقله الاحتلال في 23 فبراير/ شباط الماضي بعد دهم وتفتيش منزله، وهذه هي المرة الرابعة التي يعتقل بها إداريًّا.

تقول أم أيسر لـ"فلسطين": "في كل عام أخشى قدوم رمضان، لأن الاحتلال والسلطة أيضًا، يتقصدون اعتقال نزيه قبل رمضان، أو في منتصفه، أو في نهايته حتى لا يجتمع بعائلته في رمضان وعيدي الفطر، والأضحى".

في أحد أيام رمضان في السنوات الماضية، اعتقلت أجهزة أمن السلطة أبو عون، وعرضته لأشد أنواع التعذيب والشبح، وفي يوم الإفراج عنه وجه له أحد الضباط تهديدًا "اليوم بنروحك والليلة بزموك (بعتقلوك) اليهود"، تردف أم أيسر.

بدأت رحلة القيادي نزيه أبو عون مع الاعتقالات في العاشر من يونيو/ حزيران 1993، حين حكم عليه بالسجن أربع سنوات، واعتقل ثانية في السادس والعشرين من سبتمبر 1998، وحكم عليه بالسجن لست سنوات، لاتهامه بالمسؤولية عن قيادة كتائب القسَّام في محافظة جنين.

وما إن أفرج عنه بعد انقضاء محكوميته حتى شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات في صفوف من ترشحوا للانتخابات البلدية بمناطق الضفة الغربية عام 2005، كان من بينهم "أبو عون"، حيث حوّل للاعتقال الإداري حتى السابع عشر من مارس/آذار 2006، وبعدها بثلاثة أشهر اعتقل من جديد ضمن الحملة التي طالت نواب حركة حماس في المجلس التشريعي عام 2006.

ولا تنسى الزوجة كيف كانت تتسامر ليلًا مع زوجها في اليوم الأخير لرمضان من ذلك العام، حينما اقتحم جنود الاحتلال متخفين البيت واعتقلوه ليتحول عيد الفطر إلى حزن ملأ قلوب بناته، لأنه لن يدق باب بيتهم مهنئًا صبيحة اليوم الأول لعيد الفطر.

وإذ تبتهج "أم أيسر" بعودة القيادي أبو عون إلى أحضان أسرته، فقد اعتادت في سنوات اعتقاله القيام بمهمات صلة الأرحام بالنيابة عنه، فتقوم بزيارة أخواته وبناتهن وبنات إخوته، "في سنوات غيابه الطويلة كنت أشتاق لرفقته، ولكنني كنت أصر أن إكمال مسيرته كأنه موجود".

وتذكر كيف تفتقد بناتها الأربع لإعداد فنجان القهوة لأبيهن بعد الإفطار، وتقديم طبق الحلوى بجانبه، ودفء حضنه كلما شعر بأن إحداهن حزينة ولا تريد أن تشغل باله بمشكلتها.

ومن شدة اشتياق أم أيسر لزوجها، صارت تتمنى أن تراه في الأحلام لكي تشبع من رؤيته، فعمرها معه قضى أغلبه في السجن، كما تقول.

ياسين (12عامًا) أصغر أبناء نزيه، لم ينعم بالاجتماع مع والده على سفرة إفطار واحدة سوى ثلاث مرات.

ولد ياسين في عام 2005، وفتح عينيه ووالده في السجن، وعاش عمره وهو لا يرى والده إلا أشهرًا قليلة جدًا.

يقول لـ"فلسطين": "أشعر أن الاحتلال يتقصد اعتقال والدي قبيل شهر رمضان لحرماني من العيش والاجتماع معه على مائدة رمضانية واحدة، و مصاحبتي له في صلاتي الفجر والتراويح".