فلسطين أون لاين

​نصرة الأقصى واجبٌ لا يُعفى منه المسلم

...
غزة - هدى الدلو

في ظل ما يتعرض له الأقصى من استباحة لمقدساته ليل نهار من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتدنيس لقدسيته أمام أعين المصلين والمقدسيين، دفعت الغيرة على المقدسات ثلاثة شبان، فقرروا أن يثأروا للأقصى وينصروه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فدخلوا في اشتباك مع بعض عناصر شرطة الاحتلال قرب المسجد، فقتلوا اثنين منهم، ليفرض الاحتلال على إثر ذلك إجراءات عقابية وأمنية مشددة بحق الأقصى والبلدة القديمة من خلال إغلاقه، ومنع رفع الأذان وإقامة الصلاة فيه. وأمام هذا المشهد يكون السؤال: كيف للمسلمين أن ينصروا الأقصى رغم بعدهم المكاني عنه؟، هذا ما نتحدث عنه في سياق التقرير التالي:

قال الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة في الجامعة الإسلامية د. زياد مقداد: "للمسجد الأقصى مكانة عظيمة، كيف لا وهو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السماوات العلا، كما أنه من أقدس مقدسات المسلمين بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي"، مذكّرا بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".

وأوضح في حديثه لـ"فلسطين" أن أرض المسلمين كلها مقدسة، فلو اغتصب جزء منها يجب أن يقف مع أهلها كل المسلمين ويعملوا على تحريرها، ويمدوا لها يد العون، ومن هنا يقع على المسلمين واجب نصرته، ويزداد واجب الدفاع عن القدس نظرا لحرمة المسجد الأقصى وقدسيته ومكانته العظيمة.

وبين د. مقداد: "ولعل الواجب الأساسي والأهم هو العمل على تحريره من براثن العدو، الذي بات يجثم عليه، ويسيطر على مقاليد الإدارة والحياة فيه".

وأشار إلى أنه يجب على المسلمين العمل والإصرار على تحريره، ولكن لا يزال هذا الأمر في الوقت الحالي صعب المنال، في ظل واقع المسلمين المتفرق والضعيف، ومع ذلك فثمة وسائل كثيرة في هذه الحالة ليمدوا يد النصرة للمسجد الأقصى بالوسائل والأفعال والقلوب.

وأكد مقداد على وجوب تكثيف جهود المؤسسات والشعوب لنصرة الأقصى وأهل القدس بكل الوسائل لتثبيتهم أمام عدوهم ودعمهم، ولو أن المسلمين توحدوا على قلب رجل واحد واستخدموا إمكانياتهم وقوتهم لسهل عليهم تحريره.

ونوه إلى أنه يجب على المسلمين أن يقدموا النصرة بجهود مختلفة، فعلى صعيد الحكومات عليها أن توفر الدعم المالي لترميم وصيانة المسجد الأقصى الذي يتهاوى، فهو مهدد بالسقوط أو الإسقاط بسبب الحفريات الإسرائيلية، والعمل على دعم المرابطين والمصلين والعُمار فيه، الذين يمنعون من صلاتهم والديمومة عليها بخطة التهويد.

وقال مقداد: "كذلك النصرة واجبة على كل صاحب قلم ومنبر إعلامي وصاحب كلمة في العالم الإسلامي، لإظهار الحقيقة والتعريف بتاريخ المسجد الأقصى الإسلامي في ظل ما تقوم به (إسرائيل) من حملة إعلامية شعواء للترويج لفكرة أنه إرث يهودي".

ولفت إلى أن الاحتلال تجرأ على إغلاق المسجد بالكامل بعد العملية الأخيرة وذلك يوجب على العالم الإسلامي أن يهب لنصرته من خلال المسيرات، كما أن الفرد المسلم يقع عليه واجب نحو الأقصى حتى في حال تخلت الحكومات عن دورها، ولا يُعفى من نصرته وإن كان بعيدًا، على الأقل من خلال الدعاء للمقدسات المغتصبة بأن تطهر، أو محاولة، لمن يستطيع، الوصول لرباط والصلاة فيه.

وذكر د. مقداد قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، متسائلا: "هل هناك منكر أعظم من أن يُمنع الآذان في الأقصى ومن استباحته من قبل المستوطنين؟".