عندما وصلت عقارب الساعة إلى الثامنة من صباح الجمعة، وبينما كان يوثق المصور الصحفي في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمدينة القدس رامي الخطيب أحداث اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى عقب صلاة الفجر، باغتته مجموعة من القوات الخاصة تسأله: "ماذا تفعل هنا؟".
لم يأخذ الخطيب أنفاسه للرد على السؤال حتى انهالت تلك القوة الغاشمة عليه بالضرب المبرح بالهراوات "دون سابق إنذار" حتى خرّت قواه وأُغشي عليه وسقط أرضًا بفعل قوة الركلات المتتالية، عدا عن تكسير الكاميرا والمُعدات الأخرى التي كانت بحوزته، حسبما يروي لصحيفة "فلسطين".
ارتطم في الأرض وظل برهة من الوقت مُلقى على ظهره حتى نُقل إلى مستشفى المقاصد بالقدس لتلقي العلاج، وأقرّ الأطباء أن هناك كسرًا في يده اليُمنى، وبعض الرضوض الأخرى في الرأس.
يقول الخطيب إن قوات الاحتلال تعاملت بوحشية مفرطة معه ومع بقية أطياف المقدسيين خلال المواجهات المندلعة في ساحات الأقصى، مبينا أن وتيرة عنف القوات كانت الأشرس والأعلى على مدار السنوات الماضية، إذ لم تفرّق بين شاب أو فتاة أو كبير في السن.
وأضاف أنه رغم وحشية قوات الاحتلال المفرطة تصدى الشباب المقدسي لها بكل ما يمتلكون من قوة وبالوسائل البدائية، تأكيدا منهم أن المساس بالأقصى مُحرم، مشددا على أن سلطات الاحتلال هي التي بدأت باستفزاز الفلسطينيين من خلال اقتحامها الأقصى مع نية المستوطنين بالاحتفال بما يسمى "عيد الفصح" لذلك عليهم تحمل ردة الفعل الفلسطينية.
لم يختلف الحال كثيرًا لدى حارس المسجد الأقصى حسام سدر الذي أطلقت عليه قوات الاحتلال رصاصة مطاطية من "مسافة صفر" صوب رأسه، أوقعته على الأرض فورًا.
يقول سدر الذي يعمل حارسًا وموظفًا للإعمار في الأقصى منذ 10 أعوام، إنه غاب عن الوعي فور إصابته، مؤكدا أن الاحتلال استخدم القوة المفرطة في التعامل مع المصلين.
وأوضح لـ"فلسطين" أنه جرى نقله إلى مستشفى المقاصد وتشخيص حالته بوجود كسر في الرأس والأنف، إذ لا يزال يرقد على أسرّة المرض، مشيرًا إلى أن حالته الصحية تحسنت قليلًا.
واستهجن عنف الاحتلال الممنهج بحق المتظاهرين والمرابطين، واصفًا إياه بـ"العمل الجنوني، الذي يعكس مدى الحقد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين".
يستذكر سدر الذي يقطن في البلدة القديمة بعض التفاصيل التي عايشها قبيل الإصابة بقوله: "كنت أقف قرب المسجد القبلي أحاول إسعاف صديقي في العمل الذي أصيب برصاصة مطاطية، ثم جاءت قوات خاصة وأطلقي صوبي رصاصة مطاطية من مسافة الصفر".
وعلى الرغم من قوةّ الإصابة التي ألزمته فراش المرض إلا أنه لم يستسلم أو يرضخ، مضيفا بصوت يعلوه الفخر والحماسة "سنبقى مدافعين عن المسجد الأقصى مهما كلفنا الأمر، أرواحنا فداءً للأقصى".
أما الناشطة المقدسية آلاء الصوص، فكانت لها رواية أخرى في باحات الأقصى حينما كانت توثق جرائم وانتهاكات الاحتلال ضد الشبان والمرابطين خلال المواجهات.
وتقول الصوص التي تقطن في بلدة بيت حنينا لـ"فلسطين" إن أحد عناصر شرطة الاحتلال اعتدوا عليها في أثناء توثيقها الاعتداءات الإسرائيلية ضد الشباب والفتيات خلال المواجهات "بلا رحمة".
وتضيف أن يدها اليسرى تعرضت للكسر من جراء اعتداء الاحتلال، ونُقلت على إثرها للمستشفى، عدا عن الرضوض في الوجه.
وتوضح أنها عادت لتغطية الأحداث رغم إصابتها في يدها، في رسالة تحدٍّ للاحتلال مفادها "مهما فعلت وارتكبت من جرائم، لن نتنازل عن الأقصى وسنبقى مدافعين عنه بكل قوة".
وتؤكد أن الاحتلال تعامل بشكل وحشي أكثر من المرات السابقة ضد المتظاهرين، مشيرةً إلى أن قواته كانت تُجهز نفسها قبل صلاة الفجر.