فلسطين أون لاين

تقرير رمضان في إندونيسيا.. طقوس استثنائية تبدأ بقرع "البندوق"

...
صورة أرشيفية
جاكارتا-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يعد رمضان في إندونيسيا حدثًا استثنائيًّا، ومذاقه مختلفًا عن غيرها من الدول الإسلامية، إذ تبدأ طقوس استقبال الشهر الكريم بقرع طبول البدوق وإيقاد المشاعل.

ويستعد الإندونيسيون لاستقبال رمضان بعطلة رسمية قبل عشرة أيام من قدومه، وتمتد هذه العطلة لأسبوعين قبل وبعد عيد الفطر.

وتتميز إندونيسيا بالعديد من العادات والتقاليد في شهر رمضان التي تختلف عن غيرها من الدول الإسلامية الأخرى، إذ يستقبل الإندونيسيون رمضان بقرع الطبول التقليدية الضخمة التي تعرف باسم "البدوق"، حيث تجوب الشوارع شاحنات صغيرة تحمل تلك الطبول التي يقرعها الشباب احتفالا برمضان، كما يقرعونها أيضا بعد أذان المغرب مباشرة، إيذانًا بحلول موعد الإفطار.

ويرحب التلاميذ بالضيف الكريم بالخروج من مدارسهم، حاملين المشاعل ومرددين الابتهالات والأهازيج الدينية، وتغلق المطاعم نهارا، كما تغلق الملاهي والمراقص ليلا في أغلب المدن الإندونيسية، وتحجب الحكومة أكثر من مليون موقع إلكتروني إباحي احتراما لروحانيات رمضان وخصوصيته.

والتجمع وإعداد الافطار في المساجد قبيل أذان المغرب من أشهر العادات التي تميز المجتمع الإندونيسي، إذ تضع كل أسرة الطعام الذي أعدته على الأرض وعقب إتمام الصلاة يتناول الجميع الإفطار معا.

وضمن هذه العادة هناك ما يعرف باسم "الهاشا"، وهي كلمة إندونيسية تعني بالعربية "العامرة" وهي قاعة نظيفة وأنيقة فيها كل أنواع الشراب والطعام، تستقبل كل مسلم يمر عليها ولا تُفتح إلا مرة واحدة في العام، وتكون في شهر رمضان.

وما يميز "الهاشا" أن كل فرد مسؤول عن الأوعية التي تناول الطعام فيها، وذلك على طريقة اخدم نفسك بنفسك.

و"الهاشا" قاعة ملحقة بكل مسجد من مساجد إندونيسيا، ويستطيع أن يستفيد منها كل صائم سواء كان مقيمًا أو زائرًا.

ويمتاز رمضان إندونيسيا باجتماع الفقير مع الغني على مأدبة الإفطار بالمسجد في ممارسة يحرص جل الإندونيسيين على تكريسها بكل عفوية، في كل نواحي البلاد.

مجالس تصالحية

ومن التقاليد المرعية في إندونيسيا، أن المسلمين ينتهزون فرصة هذا الشهر المبارك ليتصالح المتخاصمون، ويتسامح المتهاجرون، ويتناسون ما وقع بينهم من خلاف وشقاق، وتقام حفلات التصالح هذه عادة في المساجد، وتسمى عندهم "حلال بحلال" ويشرف على ترتيب المجالس التصالحية وجهاء الناس وعلماؤهم.

ويستعد الإندونيسيون بعد الإفطار لأداء صلاة العشاء والتراويح في المساجد والزوايا الصغيرة أو في ساحات المنازل الواسعة، ويكثر الإندونيسيون من الذكر وتلاوة القرآن وحضور الندوات والدروس الدينية بالمساجد والتي تعرف باسم "تدارس"، ويخلدون للنوم عقب صلاة التراويح والاستيقاظ قبل الفجر لتناول وجبة السحور.

أما الشباب فيتجمعون بالقرب من المساجد لترديد الأناشيد والابتهالات الدينية حتى موعد السحور، حيث يوقظون النائمين من أجل السحور مستخدمين طبول "البدوق".

ويتميز سكان العاصمة الإندونيسية جاكرتا وخاصة سكانها الأصليين الذين يعرفون باسم "البتاويين" بترحيبهم الخاص برمضان الذي يغير من عاداتهم اليومية المعروفة لتظهر عاداتهم وتقاليدهم التي ارتبطت بالشهر الكريم.

ففي رمضان يتخلى المواطن الإندونيسي عن وتيرة العيش الذي تميزه عن بقية شعوب المنطقة، والتي تفرض عليه، وخاصة في المدن الكبرى، الخروج من المنزل في ساعات مبكرة والعودة بالليل للنوم، وذلك حرصًا على لم شمل الأسرة وتناول الفطور والسحور مع الأهل والأحباب والإكثار من ارتياد المساجد.

ومن المشاهد الاجتماعية المثيرة التي يقوم بها الإندونيسيون ذلك التكافل الاجتماعي، حيث ترى بعض العائلات تتوجه إلى ملاجئ الأيتام لتناول الإفطار، على حين تقوم المساجد يوميًا بتقديم وجبات الإفطار المجانية للصائمين، كما تنشط الجمعيات الخيرية في ربوع البلاد لتجمع زكاة الفطر قبل يوم العيد ليتم توزيعها على المحتاجين.