مع انتصار الإرادة الفلسطينية في معركة المسجد الأقصى، ومع تعاظم ثقة شعبنا بقدراته وطاقاته، نتذكر آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذي يتوافق يومهم 17/4 من هذا العام، مع أسبوع التصدي للعدوان الصهيوني على المسجد الأقصى، وفي هذا التوافق رسالة إلى كل العالم بأن الأقصى والأسرى معركة واحدة، وإذا كان المسجد الأقصى يمثل العمق الروحي لوجود الإنسان على هذه الأرض، فإن الأسرى يمثلون الأفق الإنساني للفلسطيني الذي يعيش فوق الأرض.
نحن الشعب الفلسطيني نمتلك الإرادة، ولكننا نفتقر إلى القيادة، لذلك سجل الأسرى الفلسطينيون القدرة على الحياة خلف الأسوار لأكثر من أربعين سنة، وهذا أمر مخجل ومحزن، أن يترك آلاف الأسرى الفلسطينيين كل هذه السنوات خلف الأسوار، في الوقت الذي تتمتع فيه قياداتهم بكل الامتيازات، والاستثناءات والحسابات المالية المفتوحة.
الأسير الفلسطيني خلف الأسوار لا ينتظر من شعبه إقامة المهرجانات، والأسير لا تحرره الاحتفالات والخطابات، ولا تفك قيوده البيانات والمناشدات، الأسير الفلسطيني في يومه ينتظر المواقف والخطوات العملية، ويحتاج الأسرى إلى برامج عمل تضمن فك قيودهم، لا تطالب بتحسين شروط اعتقالهم، ولا سيما أن العشرات من الأسرى قد أوجعتهم السنين لثلاثين سنة وأكثر، وأن المئات منهم التفت على أعناقهم القيود لأكثر من عشرين سنة، وما يقارب الألف منهم قضوا أكثر من عشر سنوات في السجون، وبعض الأسرى قد تجاوز السبعين سنة، والمئات منهم في الستين من العمر، في أوضاع صحية لا تثير اهتمام قيادة، ولا تحرك مشاعر مسؤول، وكأنهم جثث هامدة، غفل عنهم الزمن، وتركتهم الليالي يمضغون المرارة والألم لوحدهم، في انتظار بيان القيادة الذي يطالب بتحسين ظروف حياتهم.
الأسرى الفلسطينيون في يوم الأسير بحاجة إلى خطوات عملية تحررهم من الأسر، وذلك بعيداً عن صفقات تبادل الأسرى التي أثبتت جدارتها في انتزاع حرية الأسرى، وحتى لا يظل مصير آلاف الأسرى معلقاً بمفاوضات تبادل الأسرى مع العدو الإسرائيلي، وحتى لا يطول الانتظار المريح للعدو، فعلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها المسؤول السياسي والأخلاق والإنساني عن أوضاع آلاف الأسرى، على القيادة أن تطالب بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية كشرط للالتزام بالاتفاقيات الموقعة، فلا منطق سياسي، ولا مصداقية أخلاقية، لمن يلتزم باتفاقيات لا تضمن تحرير الأسرى.
لقد دللت المواجهات في ساحات المسجد الأقصى أن الشعب الفلسطيني جاهز لأن يخوض معركة تحرير الأسرى بالعنفوان نفسه الذي خاض فيه معركة المسجد الأقصى، شرط أن تتصدر قيادة منظمة التحرير الموقف، وأن تخوض معركة تحرير الأسرى، لا أن تطالب بتحسين شروط حياة الأسرى، فأمثال كريم يونس وعبد الله البرغوثي وماهر يونس ليسوا بحاجة إلى تحسين ظروف حياتهم خلف الأسوار، فبعد أربعين سنة في السجون، لم يتبق لهم حياة كي تطالب القيادة بتحسين شروطها.