أرادت الشابة مريم صلاح أن تضيء بفنها عتمة الظروف الصعبة والدقيقة التي تتم فيها عملية تهريب النطفة من ظلمات السجن وقسوته إلى الحياة وسط أجواء عائلية يحضر فيها شهود من أهل الأسير وزوجته وشهود آخرون من داخل السجن، ويتم ذلك بعد اتفاق بين الطرفين الأساسيين في العملية.
الفنانة البصرية صلاح (27 عامًا) لديها اهتمام خاص بقضية الأسرى، وخاصة النطف المهربة من داخل السجون إلى زوجاتهم خارج الأسر ليكون لهم امتداد للحياة بطريقة مدهشة تزعج المحتل.
وتشرح عن مشروعها الفني "الحيوانات المجهرية" الذي يركز على عملية تهريب النطف من السجين الفلسطيني إلى زوجته خارج سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعلاقه هذه العملية بالوسائط المستخدمة في التهريب، والتي تكاد أن تكون عبثية، ولكن مع عملية التهريب يكتسبون قيمة ورمزية لأنهم يساهمون في منح الحياة.
تقول صلاح: "لطالما عرفنا أن التهريب هو عملية إدخال سلع إلى البلاد خلسة قصدًا في التحايل والتهرب من دفع الضرائب، والمُهرب هو شيء يمنع أن يدخل أو يخرج من البلاد بطريقه غير مشروعة، ولكن في هذه الحالة عملية التهريب والمهرب هنا هو تقريبًا أنفس بشرية وحيوات كاملة".
وقد استخدمت صلاح في هذا المشروع تقنية "الهولوجرام" التصوير التجسيمي لإعادة تكوين صور الأجسام بشكل ثلاثي الأبعاد باستخدام أشعة الليزر، والتي تساعد على خلق أشكال غير ملموسة، وهو وسيط يقترب من عملية التهريب التي تجعل العملية تحصل دون ملامسة مادية.
وتضيف: "قبل الانطلاق في المشروع سعيت في التواصل مع زوجات أسرى خضن تجربة الإنجاب عن طريق النطف المهربة، لتتبلور الفكرة في ذهني ومعرفة الوسائل التي تستخدم في ذلك كعلب الكبريت والولاعات، وأكياس الشكولاته، والظروف وغيرها".
تجسيد ثلاثي الإبعاد
بدأت "صلاح" العمل على عرض هذه القضية انطلاقاً من رسم الاسكتشات الأولية على الورق، لتتوصل بالنهاية لطريقة مبتكرة، وهي العرض بطريقة ثلاثية الأبعاد عبر تقنية "هولوجرام".
وعن هذه الآلية المستخدمة في عرض مشروعها الفني، توضح أنها تستخدم الليزر لإنتاج واقع افتراضي مجسم ثلاثي الأبعاد، أسفل صندوق زجاجي تبرز من خلاله الأدوات التي يُهرّب بها الأسرى نطفهم خارج السجن، وتتمكن بعدها زوجات الأسرى من زراعة الأجنة.
وتشير إلى أن الأسلوب الذي انتهجته في مشروعها سهّل للمشاهد فهم الصورة ومشاهدتها، وتوضيح الفكرة بأسلوب مرئي مبسط.
وترى بأن الأسير الفلسطيني رغم قيود أسره وقسوة الظروف التي يعيش فيها منذ سنوات إلا أنه استطاع أن يقدم شيئًا لوطنه، بتهريبه نطفة وبناء جيل جديد سيكون له الدور في الدفاع عن قضيته.
وتعتبر صلاح أن لكل فنان قضايا مسؤول عنها ومن واجبه تسليط الضوء عليها لتوعية الجمهور المحلي أو العالمي بها، والعمل على إيصال أكبر عدد من الرسائل والظروف التي يعيش فيها الفنان والقصص التي تدور في البيئة التي يقيم فيها.
واهتمامها بقضية الأسرى والنطف المهربة دفعها لعمل خطة لفيلم درامي يتناول القضية ذاتها، والعمل على إنتاج رسوم متحركة عن قصص الأسرى، هادفة من ذلك إيصال رسالتهم بطريقة فنية.
وفي عام 2012 كانت أول تجربة لفكرة "تهريب النطف" كوسيلة للبحث عن الحياة خارج المعتقلات، ويقدر عدد الأطفال المولودين عبر تهريب النطف من آباء معتقلين في السجون الإسرائيلية بـ 102 طفل.