العملية البطولية الاستشهادية لم تُفاجئ سوى زمرة الاحتلال والمتخابرين معه، أولئك الذين لا يعلمون بأن تهويد وتدنيس الأقصى لن يمر دون عقاب رادع وصادم.
فالشعب الفلسطيني لن يغفر لنازيي هذا القرن أفعالهم المنكرة وقتلهم وقمعهم وسوف يرد غدًا وبعد الغد بكل ما أوتي من قوة.
عملية باب حطة في قدس الأقداس للثلاثي المجاهد أبناء عائلة جبارين بتاريخها النضالي الحافل في أيقونة "أم الفحم" التي أسماها الشعب ومنذ ردح من الزمان بأنها "أم النور" وقد قدمت نماذج للصمود والمقاومة وقد امتدت جذورها في عمق الأرض المقدسة ووصلت قامة رجالها ونسائها وشهدائها إلى عنان السماء.
وسوف يعلم العدو أن عملية القدس البطولية هي عملية فارقة وغير مسبوقة وانعطاف جديد في سِفر انتفاضة القدس الثالثة فهذه طبائع الانتفاضات تخبو أحيانًا وتتصاعد في أخرى حتى تصل إلى ذروتها، تلك التي ستكنس الاحتلال والمتعاونين معه.
أما إغلاق الأقصى وهو سابقة هي الأخطر منذ احتلال القدس في عدوان عام 1967 هو تجاوزٌ لِكلّ الخُطوط الحُمر وذريعةٌ لتقسيم الأقصى المبارك زمانيًا ومكانيًا والذي تقول له "أم الفحم" اليوم أنه لن يمر أيًّا كان الثمن!
والشعب الفلسطيني يُثبت أنه شعب واحد وأن انتفاضة القدس هي الرد على ما يجري داخل فلسطين المحتلة عام 1948 ميلادية والتي وصلت إلى حد منع الأذان في بيوت الله. وها هو الشعب الفلسطيني المتجذر في ترابه الطهور في اللد والرملة وحيفا وبئر السبع ويافا يزحف إلى الشوارع ليمنع بالدم قطعان الاحتلال من التجرؤ على المَسّ بأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.
ويخرج علينا رئيس سلطة المقاطعة في رام الله المحتلة ليدين هذه العملية التي نفذها أبطال الشعب الفلسطيني والذي يصمت صمت القبور على قتل المرابطين والمرابطات وامتهان قدسية أرض الرباط.
وقد جاءت إدانة رئيس المقاطعة المتخابرة مع الاحتلال في اتصال هاتفي حميم مع رئيس وزراء دولة العدو المجرم بنيامين نتنياهو، عباس الذي شارك وبكى في جنازة القاتل شيمون بيريز الرئيس السابق لدولة الاحتلال وقاتل أبطال الانتفاضة والشريك مع رابين في كسر عظام أطفال الحجارة ومجرم عملية "عناقيد الغضب" في جنوب لبنان.
وعباس الذي عَزّى زوجة الإرهابي إسحق رابين، لم يتوان عن تعزية عائلة المسؤول المباشر عن قتل المئات من المناضلين في قطاع غزة الجنرال أمنون ليبكين شاحاك حين كان قائدًا للمنطقة الجنوبية لجيش الاحتلال.
ولم تثن إجراءات العدو في اعتقال العشرات بعد هذه العملية الكبيرة من التحرك نحو المسجد الأقصى وقد تنادى الجميع عبر شبكات التواصل الاجتماعي للصلاة التي تمت حول قبلة المسلمين الأولى وأمام حواجز قطعان جيش الاحتلال وسوائب المستعربين والمستوطنين الذين أغلقوا كل المنافد إلى المسجد المبارك.
وقد أكد موقع "واللا" الإخباري العبري، أن الخط الفاصل بين شرقي القدس وغربها بات أكثر توترًا بسبب الهجمات المتكررة، رغم الإغلاقات والحواجز والمُكعبات الإسمنتية وعمليات الاعتقال على مدار الساعة.
واعتبر الموقع المذكور أن شوارع القدس تحولت إلى محطة رئيسة لتنفيذ العمليات العسكرية الجريئة، والتي أضحت نموذجية لعديد العمليات بين طعن ودعس وإطلاق نار!
بل ويؤكد الموقع وعلى لسان غير مسؤول أمني صهيوني "أن ما يجري اليوم يعيدنا إلى ذروة الانتفاضة الثانية لما يواجهه المستوطنون في القدس من عمليات قاسية وصعبة".
ونُقل عن عضو الكنيست والقائد السابق لشرطة القدس ميكي ليفي أن أحد الأسباب الرئيسة لاستمرار وتصاعد العمليات الفلسطينية يعود إلى تداخل السكان وتضاد المصالح والإجراءات الاحتلالية التي تقدم الدفيئة المثالية لاستمرار العمليات ودقتها وتأثيراتها الكارثية على العدو وتجاور أحياء المستوطنين للمخيمات الفلسطينية في شعفاط ورأس العامود ووادي الجوز.
أما الشهداء الرجال الثلاثة فقد قالوا بعمليتهم البطولية إن إجراءات العدو لن تَحول دون مشاركة كل الشعب في مواجهة الاحتلال، وأن التنسيق الأمني مع سلطة المقاطعة لن يغير من الأمر شيئًا وأن أحلام اليقظة بنجاح صفقة العصر الترامبية لا أُفق لنجاحها مهما كانت محاولات الطابور الخامس لسلطة عباس أو للتحالف الإقليمي العربي.