قائمة الموقع

هل يكرر الاحتلال سيناريو عملية "السور الواقي" في جنين؟

2022-04-11T08:46:00+03:00
صورة أرشيفية

في أعقاب الفشل الأمني والعسكري الذي لحق بجيش الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة المقاومة الفلسطينية في مدينة جنين ومخيمها، دأب قادة سياسيون وعسكريون إسرائيليون على إطلاق تهديدات بشن عملية عسكرية على غرار "السور الواقي" التي شنها جيش الاحتلال قبل 20 عاماً لاجتثاث المقاومة في الضفة الغربية المحتلة.

وقال وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال عومر بارليف: "نحتاج بالفعل إلى الاستعداد لعملية عسكرية واسعة النطاق في مخيم جنين، لم نصل بعد إلى هذه النقطة ولكننا نقترب منها".

وأضاف بارليف في حديثه لإذاعة جيش الاحتلال: "مثل هذا الحدث له عواقب بعيدة المدى، لذا يجب علينا أولاً أن نستنفد كل التحركات، كذلك إن الدخول بثلاثة ألوية من الجيش للمخيم، هذا الإجراء من المرجح أن يثير ردود فعل من غـــــــزة وهو أحد الخيارات التي يجب أخذها في الاعتبار".

ولم يستبعد مراقبون إمكانية إقدام الاحتلال على عملية عسكرية في مخيم جنين بالفعل، ولا سيّما أنه بات يشكل له عقبة كبيرة، من أجل استعادة هيبته أمام المجتمع الإسرائيلي ومحاولة حفظ الأمن وتوفير الهدوء.

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية بجنين، د. أيمن يوسف، استعرض سيناريوهين قد يقدم عليهما الاحتلال في مواجهة تصاعد المقاومة في جنين.

يقول يوسف في حديث لـ"فلسطين"، إن السيناريو الأول هو أن يُقدم الاحتلال على حرب مفتوحة ممتدة "كر وفر" بحيث يتم تعميق العمل الأمني والاستخباري ورصد مجموعات المقاومة ومحاولة الوصول إليها إما بالاغتيال وإما بالاعتقال، "وهذا يتطلب التجهيز واليقظة الميدانية".

والسيناريو الثاني "وهو غير مستبعد" كما يرى يوسف، هو الدخول إلى مخيم جنين وخوض عملية عسكرية تحاكي نموذج "السور الواقي" عام 2002، باستخدام القوة النارية الهائلة للتخلص من أجزاء كبيرة من مساحة المخيم وربما تعطيل الحياة اليومية.

وبيّن أن هذه العملية قد تستمر لعدة أيام، "وقد تقدم عليها سلطات الاحتلال إذا فشل السيناريو الأول واستمرت العمليات الفدائية المنطلقة من المخيم"، حسب تقديره، لافتاً إلى أن المعروف عن جنين أنها مُصدرة للثوار والعمليات الاستشهادية ولها تاريخ نضالي طويل.

واستدرك: "لكن الاحتلال يخشى أن تتحول مدينة جنين إلى نموذج لمناطق أخرى في الضفة"، متوقعاً دخول مدن أخرى إلى جانب جنين في حال أقدم الاحتلال على تنفيذ سيناريو الاقتحام، مثل نابلس بطبيعة جغرافيتها وتاريخها النضالي.

وتوقع المحلل السياسي، أن تكون هناك حرب مفتوحة بين المقاومين وجيش الاحتلال تعتمد على العمل الاستخباري والأمني وتنفيذ بعض العمليات الفدائية في مختلف المدن الفلسطينية، خاصة في ظل حالة التنسيق بين مختلف الفصائل.

وبحسب يوسف، فإن خيارات المقاومة ستتركز في المرحلة الحالية حول ضرورة المحافظة على الذات، من خلال البُعد عن الأنظار والمظاهر العسكرية المسلحة، والاعتماد على التخطيط الاستراتيجي الأمني الدقيق، بعيداً عن التكنولوجيا الخطيرة.

انتفاضة ثانية

الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي جلال أبو رمانة، يقول: إن "الاحتلال يتحدث عن سيناريو شن عملية عسكرية في جنين بحذر شديد جداً، نظراً للعواقب الوخيمة التي قد تلحق به".

ويرى أبو رمانة في حديث لـ"فلسطين"، أن شن عملية عسكرية على غرار "السور الواقي"، بمنزلة الإعلان عن انطلاق "انتفاضة ثانية"، لأنه سيتخللها مقاومة مسلحة، ستؤدي إلى ارتقاء عشرات الشهداء، ووقوع إصابات في صفوف الاحتلال.

وبيّن أن المناطق الأخرى في الضفة لن تقف مكتوفة الأيدي وقد تدخل على خط الدفاع عن جنين في مواجهة الاحتلال، معتبراً أن إعلان الاحتلال يأتي في ظل "حالة اليأس والإحباط التي تعيشها حكومة الاحتلال وخصوصاً الأجهزة الأمنية مثل الاستخبارات العسكرية وجهاز الشاباك".

وأوضح أن حالة الإحباط لدى الاحتلال نابعة من التقديرات المرجحة لتوتر الأجواء وتصعيدها خلال الفترة القادمة، في ظل عجز حكومة الاحتلال عن وقف ذلك التصعيد.

ويعتقد أبو رمانة أن "الاحتلال لن ينفذ عملية السور الواقي 2 هذه الأيام إذا لم تحدث أي عمليات بطولية"، مستدركاً: "لكن إذا وقعت عمليات فدائية ستجد حكومة الاحتلال نفسها مضطرة لشن عملية عسكرية في جنين لحفظ ماء وجهها أمام مجتمعها".

وتوقع أن تكون عملية "السور الواقي2" في حال نفذها الاحتلال "محدودة" لكونه يعلم أن الدخول لمخيم جنين والخروج منه ليسا مسألة سهلة، مستدلاً باقتحام جيش الاحتلال للمخيم بهدف اعتقال والد منفذ عملية "ديزنغوف"، "ولم يحدث ذلك بسبب تصدي المقاومين له".

ويؤيد ذلك المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، قائلاً: إن "الاحتلال مُستعد أن يفعل كل شيء من أجل الحفاظ على أمن دويلته المزعومة".

وأوضح جعارة في حديث لـ"فلسطين"، أن قادة الاحتلال لن تتوانى في تنفيذ عملية السور الواقي وعزل أماكن مثل يعبد ومخيم جنين؛ لأن هذه المدينة "عاصمة الإرهاب الفلسطيني" حسب مزاعم الاحتلال.

ولفت إلى أن المقاومة ما زالت مستمرة بكل أشكالها، "لذلك لن يستطيع الاحتلال كسر موجة الإرهاب كما يزعم، ولن تعود عليه أي فائدة مما يسعى إليه"، حسب تقديره.

واستبعد أن تقضي عملية "السور الواقي 2" على المقاومة أو وقف العمليات البطولية رفضاً لسياسات وممارسات الاحتلال العنصرية ضد الشعب الفلسطيني. مضيفاً: "لن يحصل الإسرائيلي على الأمن إلا باتفاق سياسي مشرف وعادل للفلسطينيين".

تجدر الإشارة إلى أنه في هذه الأيام تمر الذكرى العشرون لمعركة مخيم جنين، التي بدأت من 1 نيسان/ إبريل، التي استمرت عشرة أيام، واستشهد فيها 58 فلسطينياً، وقتل 23 جندياً إسرائيلياً، واعتقلت قوات الاحتلال العشرات وهدمت أعداداً كبيرة من المنازل. 

اخبار ذات صلة