أكد مختصان في شئون الاستيطان، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تقوم بتجيير أزمة الحرائق التي تعرضت لها مؤخرا من أجل تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في ضوء تهديداتها بمعاقبة الفلسطينيين بزعم مسئوليتهم عن تلك الحرائق.
ورأى المختصان أن دولة الاحتلال تقوم دائما بافتعال الأزمات والاستفادة منها لتعزيز "المشروع الصهيوني التهويدي" في الاراضي الفلسطينية، مشيرين الى أن الجهد الاسرائيلي في مجال الاستيطان يتصاعد يوما بعد يوم.
وكان وزير الجيش في حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان، زعم خلال زيارته لمستوطنة "خلميش" والتي أحرقت النيران عدداً من منازلها، أن فلسطينيين هم من قاموا بإشعال النار في بعض المناطق، مؤكدا أن "الرد على الحرائق سيكون بالمزيد من البناء الاستيطاني".
وسبقت تصريحات ليبرمان تصريحات أخرى لوزير التربية والتعليم بحكومة الاحتلال نفتالي بينيت، اتهم فيها الفلسطينيين بالمسئولية عن اشعال الحرائق، متوعدا أنه مقابل كل بيت احترق سيتم بناء وحدات استيطانية في الضفة.
من ناحيته، أكد المختص في شئون الاستيطان خالد منصور أن دولة الاحتلال تسابق الزمن من أجل ترسيخ الواقع الاستيطاني، لافتا الى أن أزمة الحرائق ليست سوى حلقة من مسلسل الازمات التي يتم استغلالها اسرائيليا من أجل فرض الوقائع على الارض.
وبين منصور لصحيفة "فلسطين"، أن تصريحات اسرائيلية رسمية أشارت الى أن نحو 85% من الحرائق لم تكن بفعل الجهد البشري، وان النسبة المتبقية تذهب غالبيتها لحالات اهمال وتسيب داخل المناطق التي أكلتها النيران.
واعتبر أن اصرار الاحتلال على تحميل الفلسطينيين مسئولية تلك الحرائق لا يخرج عن كونه مزايدة سياسية من قبل وزير الجيش في حكومة الاحتلال من أجل كسب المزيد من المستوطنين في صفه السياسي.
وأوضح منصور أن دولة الاحتلال ترى في التوسع الاستيطاني ضرورة جغرافية لتقطيع اوصال الاراضي الفلسطينية وجعل من المستحيل اقامة دولة فلسطينية ولو على ما تبقى من فلسطين التاريخية.
ولفت إلى أن ما يؤكد وجود خطة للتوسع الاستيطاني هو أن السلوك الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة يكاد يكون منصبا فقط على دعم المستوطنين والاستيطان، مشيرا الى أن برلمان الاحتلال "الكنيست" أقر قبل اسابيع قانون شرعنة الاستيطان الذي يبيح سرقة واغتصاب الاراضي الفلسطينية وشرعنة البؤر التي تخترق القرى والمدن الفلسطينية.
وذكر أن المستوطنة الجديدة تهدف إلى خلق حياة متواصلة ما بين المستوطنين، وانعدام أي تواصل ما بين المدن والبلدات الفلسطينية، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الوحدة الجغرافية للمناطق المحتلة، والحديث عن الدولة الفلسطينية، وحتى عن ترابط ما بين المدن والقرى الفلسطينية.
وأكد ان القيادة الفلسطينية تفتقر الى رؤية واضحة يمكن من خلالها حماية الاراضي الفلسطينية من المصادرة والسرقة، منوها الى أن ضعف الموقف الفلسطيني يرجع بالضرورة الى وجود انقسام بين الفصائل الفلسطينية من جهة، وفي داخل الفصيل الواحد من الجهة الاخرى.
ودعا منصور المجتمع الدولي الى الوقوف في وجه الاحتلال ومنعه من قضم ومصادرة ما تبقى من أراض فلسطينية، مؤكدا أن ما يحدث حاليا سيكون وصمة عار في تاريخ الحضارة الانسانية وتاريخ الامة العربية.
من ناحيته، أكد المختص في شئون الاستيطان عليان الهندي، أن دولة الاحتلال رأت في قضية الحرائق مناسبة جيدة لتعزيز سياسة التوسع الاستيطاني، عبر معاقبة الفلسطينيين ببناء بؤر جديدة وشرعنة بؤر اخرى تم بناؤها مؤخرا بلغت نحو 90 بؤرة.
وأوضح الهندي لصحيفة "فلسطين"، أن الجميع –بما فيهم قادة الاحتلال- يعلمون عدم مسئولية الفلسطينيين عن تلك الحرائق لأسباب كثيرة أهمها عدم قدرتهم على الوصول الى عمق دولة الاحتلال، فضلا عن القيام بإشعال النيران بأريحية لأكثر من 5 ايام دون كشفهم من قبل سلطات الاحتلال.
وأشار الى أن وجهة النظر الفلسطينية ترى في اشجار فلسطين المحتلة وسفوحها امتدادا تاريخيا لآبائهم وأجداهم، وهو أمر لا يمكن ان يدفعهم لارتكاب مثل هذه الافعال من حرق وتدمير، برغم أن الاحتلال ومستوطنيه هم من فعلوها قبل ذلك واحرقوا الفلسطينيين وهم احياء كما حدث مع عائلة الدوابشة وغيرها عبر تاريخ المجازر الاسرائيلية.
وأكد على تهافت الرواية الاسرائيلية حول أزمة النيران، معتبرا أن صمت المجتمع الدولي على السلوك الاسرائيلي الذي يستسهل اتهام الفلسطينيين في أي قضية، انما يمهد لافتعال أزمات أخرى والصاق التهمة حينها بالفلسطينيين.
واشار الى أن حكومة الاحتلال تحاول ان تعطي المستوطنين امتيازات كبيرة من خلال تشجيع الاستيطان في كل المناطق بما فيها مناطق السلطة الفلسطينية، منوها الى أن ليبرمان وغيره من زعماء الاحتلال يخضعون بشكل مطلق للمستوطنين بسبب وزنهم السياسي في الحالة السياسية الاسرائيلية.
وبين أن حكومة الاحتلال لم تكن بحاجة لاتهام الفلسطينيين لكي تبرر الاستيطان، إذ إنها توفر له الحماية والغطاء القانوني وتساعد على المصادرة والاستيلاء على المزيد من اراضي الفلسطينيين.
واوضح الهندي ان دولة الاحتلال تعمل منذ نشأتها على تصوير نفسها كضحية للفلسطينيين، الامر الذي يدفعها لتصدير روايات مسئولية الفلسطينيين عن الحرائق او أي ازمات اخرى لاحقة.