باتت مهارات إعداد الطعام لدى الكثير من الفلسطينيات في قطاع غزة فرصة لتدشين مشاريع تنتشل أسرهن من الضائقة الاقتصادية، فمن داخل منازلهن يجهزن جميع أنواع الوجبات ويسوّقنها عبر الإنترنت، مستهدفاتٍ بشكل أساسي النساء الموظفات وحفلات الأعراس والتخرج، في حين تكون لشهر رمضان خصوصية باعتماد النسوة على تلك المشاريع لتجهيز الإفطارات الرمضانية.
فبعد أن ضاقت بها سبل العمل في مجال الصحافة واضطرارها للجلوس في المنزل بعد معاناة المؤسسة التي كانت تعمل بها من ضائقة مالية، توجهت إسلام الخالدي لإنشاء مطبخ بيتي أطلقت عليه اسم "فتفوتة".
تعيش الخالدي برفقة زوجها الذي يعمل براتب شهري غير ثابت في بيت مستأجر جعل من الصعوبة بمكان العيش دون دخل إضافي، فراودتها فكرة خوض مجال "المطبخ البيتي" لكونها تتقن الطبخ ولديها بصمة مميزة فيه، كما تخبر.
تقول الخالدي: "افتتحتُ مشروعي منذ عاميْن تقريباً، أجهز كل الأكلات الشرقية والغربية بأسعار تناسب جميع الطبقات، والحمد لله لاقيتُ رضًا تامًّا من زبائني عن الجودة والنظافة والطعم".
وبينت أنها في فترة قصيرة أصبح لديها جمهور كبير بفعل تسويق منتجاتها عبر صفحة المطبخ على "فيسبوك"، مشيرة إلى أنها أعدت قائمة لأغلب "الأطباق" التي اعتاد الغزيون على تناولها خلال رمضان وجهزت جزءاً كبيراً منها وقام بتفريزه، لتكون جاهزة عند أي اتصال من الزبائن".
جودة ممتازة
وعادةً ما يتصل الزبائن بالخالدي قبلها بيوم أو في اليوم ذاته صباحًا ويوصونها بما يريدونه، "أكثر زبائني من النساء الموظفات اللاتي يقضين ثلثي نهارهن في العمل فلا يكون لديهن الوقت لطبخ كل ما يريدونه، فيحصلن على ما يردنه بسعر مرضٍ وجودة ممتازة".
وإذ تبين الخالدي أن مهاراتها في إعداد الطعام اكتسبتها من عائلاتها وأخرى من التجارب الذاتية في المنزل، وتطبيق وصفات على الانترنت والتعديل عليها، معبرة عن رضاها عما وصل إليه مشروعها حالياً حيث أصبحت تستعين بامرأة لتساعدها بشكل جزئي في التنظيف والتحضير في حال وجود ضغط في الطلبات.
وتشير إلى أنها استطاعت في وقت سابق تأمين عشرات الوجبات لولائم وحفلات تخرج وأفراح، كما أنها سوقت بعضاً من المعجنات التي تصنعها في المحال القريبة من المدارس، وشاركت في عدة معارض لدعم المشاريع النسائية، "كثيرٌ من زبائني الجدد هم أناس قد تذوقوا أكلاتي عند زبائني الأصليين أو في المعارض، فأتلقى منهم بعدها اتصالات يُخبرونني أنهم أُعجبوا بما أعده من طعام",
وتعبر عن أملها في أن يتطور مشروعها لتستطيع تشغيل عدد أكبر من النساء معها لإدراكها أن كثيراً من النساء الغزيات يعانين أوضاعاً اقتصادية صعبة بسبب قلة فرص العمل، "حتى أنني آمل أن أتمكن من فتح مطعم خاص بي مستقبلاً وسيكون كل طاقمه من النساء".
ورد وثلاث شقيقات
ذات الفكرة راودت الشابة أمل أبو جمعة "خريجة سكرتاريا طبية" بعد أن فقدت عملها في إحدى المؤسسات الطبية، شاركها في الفكرة شقيقتاها المتزوجتان، فأنشأن سوياً مطبخ "ورد" البيتي الذي يسوقن منتجاته عبر الإنترنت.
فكانت البداية في الأول من ديسمبر من العام الفائت، حيث تقوم الشقيقات الثلاث في منزل إحداهن "الذي يتوفر فيه مطبخ واسع يمكنهن من العمل" بطهو الوجبات التي يطلبها الزبائن، "نطهو كل ما يريده زبائننا كالسماقية وفطائر السبانخ والكبة وورق العنب وغيرها".
وتسوق أبو جمعة منتجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "وتحرص عند اتصال أي زبون على معرفة رغباته بخصوص أي طبق يطلبه فهل يفضله حراقا أو حاذقا أو مالحا أو إذا كان له أي طلبات في طريقة الإعداد لضمان أن تنال الوجبة رضاه".
تسجل أبو جمعة الطلبات في الليل وتتواصل مع شقيقتيْها ويوزعن الأدوار بينهن في توفير الاحتياجات المطلوبة ويجتمعن صبيحة اليوم التالي لطهيها، ويُوصلنها عبر "الديلفيري" للزبائن، "نحدد السعر بشكل يناسب الناس ويغطي سعر التكلفة ويحقق هامش ربح لنا".
وشاركت أبو جمعة في عدة معارض للأكلات البيتية للتعريف بمشروعها للزبائن، كما سوقت بعضاً من المنتجات في "المحال التجارية"، مشيرة إلى أن أغلبية الزبائن نساء عاملات، أو نساء تذوقن الطعام عند زبائننا، وأنهن يعتمدن في الطهي على خبرتهن المنزلية، بجانب تجريب وجبات من الإنترنت واعتمادها.