المُغربيَّة كرات صغيرة الحجم عادة تصنع بنكهة الكراوية، تفتح شهية الصائمين على المائدة اللبنانية، وهي من أشهر الأكلات التقليدية، التي تعد عادة في المناسبات، والأعياد، وهي أساس الولائم الرمضانية التي تجمع حولها جميع أفراد العائلة.
تصنع المُغربيَّة إما بالدجاج أو باللحم، أو بالاثنين معا، حباتها أكبر من حبات المفتول الفلسطيني أو الكسكس المغربي، حيث يتم فتلها بنفس الطريقة، ولكن المختلف بأن المُغربيَّة يضاف إليها حبات البرغل إضافة إلى الدقيق والسميد.
وتعد الفلسطينية رنا تفال التي تعيش في مخيم الجليل في البقاع اللبناني، طبق المُغربية كوجبة أساسية في رمضان، والتي تشبه المفتول الذي تشتهر به فلسطين، ولم يسبق لها تذوقه من قبل.
تقول تفال لـ"فلسطين": "يتم إعداد كرات المغربية بعد تهليبها في مصفاة تعلو طنجرة بها ماء مغلي، وتترك حتى تنضج الحبات، ويضاف إليها الزيت النباتي أو الزبدة حتى لا تلتصق الحبات ببعضها بعضًا".
وتضيف: "بعد سلق الدجاج، يتم إعداد يخنة تضاف على كرات المُغربية، حيث يضاف إليها الحمص المسلوق، وحبات البصل الكاملة، وبعض المطيبات كالكراوية، والقرفة، وورق الغار، والهيل، ومن ثم يتم سكب اليخنة فوق المغربية لتطريها".
سيبانة رمضان
وتذكر تفال أنه من العادات التي لا يزال اللبنانيون يحافظون عليها هي "سيبانة رمضان" ويقضي بأن تقوم العائلة والأصحاب بنزهة إلى شاطئ المدينة، فيخرجون من بيوتهم للتفسح وتناول المأكولات والعصائر، وذلك في اليوم الأخير من شهر شعبان أي قبل بدء شهر رمضان وانقطاع الصائمين عن الطعام.
وورد عن بعض المؤرخين أن أصل تقليد "سيبانة رمضان" يرتبط باستهلال هلال الشهر أي بمنزلة "استبانة"، إلا أن أهالي بيروت حرَّفوا الكلمة مع مرور الزمن إلى "سيبانة" تسهيلًا للفظها.
ومع أزمة غلاء المعيشة التي يعيشوها اللبنانيون، أصبحت تفال كحال كثير من اللبنانيين، واللاجئين، تعد طبق المغربية دون الدجاج لارتفاع أسعاره، وعلى مدد متباعدة.
وتشير إلى أن أسعار السلع الغذائية ترتفع مع دخول شهر رمضان أيضًا، لذا يلجؤون إلى إعداد الأطباق التقليدية التي تعتمد على الخضار وتحمي الصائم من العطش كالفتوش، والتبولة، وشوربة العدس.
وتبين تفال أن الفتوش طبق أساسي يومي على المائدة الرمضانية، وهو مجموعة من الخضراوات تقطع قطعًا كبيرة، مضافًا إليها الخبز المحمص هي سيدة المائدة طيلة أيام رمضان، إلى جانب صحن الشوربة الذي يبدأ به الصائم إفطاره.
ومن المشروبات التي تروي عطش الصائم في رمضان، تذكر أن أشهرها الجلاب والتمر الهندي والعرقسوس والخرنوب (الخروب)، وقمر الدين (المشمش المصفّى).
ولبنان من أشهر الدول العربية في صناعة الحلويات، والتي تزدهر في رمضان منها حلاوة الجبن، والكلاج، والقطائف، وتكاد المدن اللبنانية الكبرى تحتكر صناعة الحلويات، فطرابلس تختص بحلاوة الجبن، وصيدا بالسنيورة والتي تصنع من السمنة، والسكر، والطحين، تعجن معًا ثم يمكن وضع حشوة من الفستق فيها أو تركها سادة وتشكيلها حسب الذوق، ثم توضع في الفرن حتى تنضج وتقدم عندما تبرد مع الشاي أو القهوة.
ويشرح أحمد الدبوسي أنّ أكلة المغربية الشعبية هي توارث عائلي لآل الدبوسي منذ عام 1930، إذ إنّ جده لوالده افتتح أول محل للمغربية في سوق العطارين التراثي في طرابلس، ثم عمد إلى توسعته وافتتاح دكان مطلع خمسينيات القرن الماضي في سوق التربيعة. وقد ورث أحمد المهنة عن والده منذ 40 عامًا.
يرفض أحمد اعتبار المغربية أكلة للفقراء، "بل هي أكلة جميع اللبنانيين الذين كانوا يتقاطرون إلى طرابلس منذ عقود لتجربتها من شتّى الطبقات الاجتماعية، حتى باتت طقوسًا يرافق زيارة المدينة".
وعن مغربية الدجاج التي تزين المائدة اللبنانية خلال شهر رمضان، وقد باتت طبقًا رسميًّا في بعض مطاعم لبنان، يؤكد أنها باتت شبه مستحيلة، وخصوصًا أنه كان يُعدّها قبل الأزمة ثلاث مرات في الأسبوع الواحد، وكانت تنفد بعد ساعتين من طبخها. "أما اليوم، فلا نجرؤ على طبخها لأسباب عدة أهمها الغلاء الفاحش لصدر الدجاج الذي يضاف مع خلطة بهارات أخرى للمغربية، وانقطاع التيار الكهربائي، ما سيؤدي إلى فساد الدجاج. لذلك، ألغينا فكرة الدجاج مع المغربية".
ويختم أحمد حديثه، قائلًا: إن "المغربية كانت خلال عهد الازدهار وحتى سنوات خلت مربحة جدًّا، لأن أصحاب الفنادق والمنتجعات كانوا يعتمدونها كإحدى وجباتهم اليومية، ويشترونها من محالنا كوجبة لبنانية أصيلة تعكس صورة لبنان وإحدى أهم مدنه. لكن منذ سنة ونيف، توقفت تدريجيًّا، ولمسنا ذلك في رمضان الفائت والصيف الذي سبقه".
في الوقت نفسه، يشير إلى أن الأزمة الاقتصادية الخانقة أثرت بشكل قاسٍ في المهنة التي يمتهنها منذ عقود، لأن أسعار المواد الأولية باتت خيالية.