في ساعة مبكرة من فجر اليوم السبت، اغتالت قوة صهيونية خاصة، 3 فلسطينيين، بالقرب من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، وهو ما اعتبره خبراء محاولة من الاحتلال لفرض "قوة ردع" بعد تعرضها لسلسلة عملية فدائية.
ورأى الخبراء، أن عملية الاغتيال الأخيرة، وما سبقها من عمليات بالضفة الغربية تركزت في شمالها، تحمل رسائل للمجتمع الإسرائيلي، وللفلسطينيين على حد سواء، محذرين من تصعيد لا تحمد عقباه.
وفجر السبت، قالت شرطة الاحتلال في بيان، إن قوات الجيش قتلت ثلاثة مسلحين من حركة الجهاد الإسلامي في تبادل لإطلاق النار بالضفة الغربية المحتلة، ليرتفع عدد من قتلتهم سلطات الاحتلال منذ مارس/آذار الماضي إلى 16، ومنذ بداية 2022 إلى 27.
بينما بلغ عدد قتلى الاحتلال الإسرائيلي في عمليات نفذها فلسطينيون منذ مارس/آذار الماضي إلى 11، آخرهم مقتل خمسة أشخاص خلال عملية إطلاق نار في مدينة بني براك قرب (تل أبيب)، الثلاثاء الماضي
رسائل
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، رأى في عمليات الاغتيال الأخيرة "رسائل تريد (إسرائيل) منها القول إن أي عمل فلسطيني مقاوم سيكون تحت القوة الإسرائيلية في أي وقت وأي مكان".
وفي حديثه للأناضول، أضاف: "يمكن القول إن (إسرائيل) تريد القول إنه لا حدود لاستخدام القوة".
وذكر حرب، أن حكومة الاحتلال تريد أن تبعث برسالتين أولاهما للمجتمع الإسرائيلي بأنها قادرة على حمايته بعد تعرضه لعدة هجمات مؤخرا، وأن قوتها لا حدود لها وتستطيع أن تصل إلى أي مكان، ولمن يهددها.
وأما الرسالة الثانية، بحسب حرب، فهي للمجتمع الفلسطيني، ستدفعون الثمن عن أي عمل يستهدف (إسرائيل).
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، أمجد أبو العز، أن العمليات الأخيرة محاولة من الاحتلال لتصفية المقاومة الفلسطينية عبر "سياسة الاغتيال المميت".
وقال للأناضول، إن "صورة (إسرائيل) بعد سلسلة عمليات استهدفتها باتت مهزوزة أمام مجتمعها، لذلك تستخدم قوة الردع لتوفير الأمن لمواطنيها".
وترى سلطات الاحتلال في انتشار ظاهرة السلاح في شمالي الضفة الغربية وفي جنين خاصة، قلق وتهديد لأمنها، بحسب أبو العز.
وأضاف: "(إسرائيل) لفترة غضت البصر عن السلاح في الضفة الغربية غير أنه بات اليوم يهدد أمنها، لذلك تريد تصفية أي قيادات عسكرية وخاصة نشطاء حركة الجهاد الإسلامي في جنين، في ظل عدم قدرة الأمن الفلسطيني (التابع للسلطة برام الله) على التعامل مع بعض التجمعات السكانية وسحب السلاح".
استثمار الحرب على أوكرانيا
وأشار أبو العز إلى أن الاحتلال يستثمر الانشغال الدولي في الحرب الروسية الأوكرانية، ويعمل على تصفية وقتل واغتيال النشطاء الفلسطينيين.
ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية، تطور التصعيد في الأراضي الفلسطينية، ليصل لمواجهة أشمل، تشارك فيها جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة "فتح".
وقال: "(إسرائيل) قد تستثمر تفجير الأوضاع لفرض أجندات".
مواجهة لا يعرف شكلها
مدير مركز يبوس للدراسات، سليمان بشارات، رأى في استمرار عمليات الاغتيال "الذهاب نحو مواجهة أوسع بين الفصائل الفلسطينية و(إسرائيل)".
وقال للأناضول، إن "السؤال ما هو شكل المواجهة مع استمرار عمليات الاغتيال؟ وهل الفصائل الفلسطينية لديها بنية تحتية ونواة جديدة للمقاومة؟".
وبيّن أن "الأجواء في الضفة الغربية تشير إلى أننا ذاهبون نحو مواجهة، نتاج عمليات الاغتيال والاعتقالات والتهويد والاستيطان، ومدى انعكاس هذه السياسية على الحالة المجتمعية الفلسطينية، والذي يشكل الشباب نموذجا له".
في المقابل، اعتبر بشارات، أن "(إسرائيل) تهدف من خلال عملياتها لردم أي جيوب للمقاومة في الضفة الغربية، ووأدها بشكل كامل، ولن يكون ذلك بحسب رؤيتها إلا بالاغتيال".
استباق أحداث
الكاتب الصحفي، نواف العامر، اعتبر في العمليات الأخيرة، محاولة إسرائيلية لاستباق الأحداث، وتنفيذ عمليات إعدام.
وفي حديثه للأناضول، قال: "يبدو أن (إسرائيل) باتت على قناعة أن عمليات الاعتقال لن تكون رادعة للجيل الفلسطيني الجديد الذي يتصدر المقاومة والمواجهة لذلك تستبق الأحداث وتذهب للاغتيال".
وأضاف: "(إسرائيل) تفرض وقائع على الأرض من خلال عمليات الاستيطان والتهويد، والأمر يتطلب تفريغ الساحة الفلسطينية من أي مقاومة، لذلك تذهب لسياسة الاغتيال".
ولفت إلى أن (إسرائيل) ترى في جنين حاضنة المقاومة الفلسطينية، لذلك يتم التركيز على عمليات الاغتيال فيها.
وتوقع تطور الأحداث في حال استمرار الاحتلال في سياسة الاغتيالات، إذا لم يجد من يلجم سياساته.
وفي ذلك قال: "بدأت تخرج رسائل من فصائل المقاومة تهدد (إسرائيل)، ومن أبرزها حركتي الجهاد الإسلامي وحماس".

