لا تزال فوارغ الرصاص والقنابل شاهدة على قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي أهالي مدينة سخنين، في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أرضهم والوقوف في وجه الاحتلال الذي ما فتئ ينتزع من أرضهم ما يشاء، ويقضم مساحتها لصالح مشاريعه الاستيطانية.
فقبل 46 عامًا، فجر أهالي سخنين ثورة ضد محاولات الاحتلال سلب أرض "المل" التي تمت مصادرتها، إذ بدأت الأحداث تتطور وتتصاعد ضد الاحتلال إلى أن وصلت إلى 30 مارس من العام ذاته، رفضًا ودفاعًا عن أرض "المل" التي صُودرت.
وتقع سخنين في قلب منطقة الجليل، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 35 ألف نسمة، فيما لا تتعدى مساحتها 9 آلاف دونم بعد سيطرة المجلس الإقليمي على أراضيها لصالح الاستيطان.
ويقول عضو اللجنة الشعبية في سخنين الدكتور خالد غنايم: "إنّ مدينة سخنين تصدرت المشهد وفجرت ثورة يوم الأرض في 30 آذار عام 1976، كما شهدت أحداث "هبة الأقصى" عام 2000، فكانت مركز الثورة".
وأوضح غنايم لصحيفة "فلسطين"، أنّ سخنين وقعت تحت سيطرة الاحتلال في تموز عام 1948م، وأعادت القوات العربية السيطرة عليها بعد ذلك بوقت قصير، لكن سرعان ما سقطت المدينة بيد الاحتلال في تشرين الأول عام 1948، مشيرًا إلى أنّ المدينة مع باقي منطقة الجليل ضمت بعد توقيع اتفاقيات الهدنة عام 1949م، إلى كيان الاحتلال.
وأشار إلى أنّ الاحتلال صادر نحو 5 آلاف دنمً من أراضي سخنين الزراعية في العام 1970م، لإقامة مدينة "كرميئيل" الأمر الذي رفضه الأهالي ونظموا المظاهرات والفعاليات الرافضة لسلب أرضهم وصولًا إلى 30 آذار عام 1976 عندما تظاهر سكان المدينة والقرى المجاورة ضد مخططات سرقة أرضهم مما أدى إلى اشتباكات مع شرطة الاحتلال.
وخلال المواجهات المندلعة والتي امتدت لـ"عرابة وديرحنا وعرب السواعد، وغيرها"، وفق غنايم، ارتقى ستة شهداء من الفلسطينيين، وأصيب 49 آخرون، فيما اعتقل نحو 300 مواطن لدفاعهم عن أرض منطقة "المل" التي صودرت وقتها بأمر عسكري.
استرجاع الأرض
ورأى غنايم، أنّ يوم الأرض كان انطلاقة وتحول في الواقع السخنيني قبل 46 عامًا، عندما انتفض الأهالي رفضًا لمصادرة أراضي المدينة، مؤكدًا أن الأهالي لم يدخروا جهدًا إلا وسلكه لاستعادة أرضهم ونجحوا في الحصول على قرار إسرائيلي بعد زيارة رئيس وزراء الاحتلال آنذاك شمعون بيرس للمدينة في 5 أيلول 1986، وأصدر قرارا بإزالة الصبغة العسكرية عن منطقة "المل".
وأضاف: أنّ "الأهالي لم يتوقفوا عند هذا الحد بل طالبوا بتنظيف المنطقة من مخلفات جيش الاحتلال التي شكلت خطرًا حقيقًا على المواطنين، وأودت بحياة قرابة 100 شخص".
وبيّن أنّ الاحتلال يهدف من مصادرة أراضي المدينة لإقامة مستوطنات وتوسيعها على حساب الأراضي الفلسطينية في مقدمة لطرد أصحابها الأصليين منها، لافتًا إلى أن الاحتلال يسيطر على تلال المدينة المرتفعة من أجل مراقبة المكان.
وشدّد على أنّ "يوم الأرض حرّر العقل الفلسطيني وانتزع الخوف العسكري والبوليسي من قلوب الأهالي للمطالبة بنيل حقوقهم واسترجاع أرضهم، مؤكدًا أن المعركة مستمرة لاسترجاع الأراضي المصادرة من دائرة الأراضي الإسرائيلية والمجلس الإقليمي حتى يومنا هذا.
وذكر أنّ المدينة يتهدّدها منذ عام 1996م، خطر المصادرة وانتزاع نفوذها من أيدي مُلّاكها الأصليين، إلى جانب التضييق عليهم وتجفيف منابع المياه عن المناطق الزراعية لدفع سكانها للرحيل، ومنع تسويق مُنتجاتها، لافتًا إلى أنّ الاحتلال يحاول إفقار المزارعين من خلال استيراد منتجات من الخارج وتسويقها في الأسواق المحلية بأسعار منخفضة جدًا.